التفسير:
لطف اللّه معك:
عندما رأى نوح (ع) عناد قومه وقد بذل في سبيل هدايتهم منتهى مساعيه التي طالت مئات السنين، وما كانوا يزدادون فيها إلاّ فساداً وضلالاً، يئس منهم وتوجّه إلى ربّه ليناجيه ويطلب منه أن يعاقب قومه، كما نقرأ في هذه الآيات محل البحث، (قال نوح ربّ إنّهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلاّ خساراً).
تشير هذه الآية إلى أنّ رؤساء هؤلاء القوم يمتازون بكثرة الأموال والأولاد، ولكنّها لا تستخدم لخدمة الناس بل للفساد والعدوان، ولا يخضعون للّه تعالى، وهذه الإمتيازات الكثيرة سببت في طغيانهم وغيهم.
وإذا ما نظرنا إلى تاريخ الإنسان لوجدنا أنّ الكثير من رؤساء القبائل هم من هذا القبيل، من الذين يجمعون المال الحرام، ولهم ذرّية فاسدة، ويفرضون في النهاية أفكارهم على المجتمعات المستضعفة، ويكبّلونهم بقيود الظلم.
(قال نوح رب إنهم عصوني) فيما أمرتهم به (واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا) اتبعوا رؤساءهم الذين بطروا النعمة عليهم بالمال والولد حتى صيروها سببا لزيادة خسارتهم.