ثمّ ذكروا احدى الانحرافات للجن والإنس وقالوا: (وأنّه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً).
"رهق" على وزن (شفق) ويعني غشيان الشيء بالقهر والغلبة، وفُسّر بالضلال والذنب والطغيان والخوف الذي يسيطر على روح الإنسان وقلبه ويغشيه، وقيل إنّ هذه الآية تشير إلى إحدى الخرافات المتداولة في الجاهلية، وهي أنّ الرجل من العرب كان إذا نزل الوادي في سفره ليلاً قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه (9).
وبما أنّ الخرافات كانت منشأ لإزدياد الإنحطاط الفكري والخوف والضلال فقد جاء ذكر هذه الجملة في آخر الآية وهي: (فزادوهم رهقاً).
وذكر في الآية (رجال من الجن) ممّا يستفاد منه أنّ فيهم اُناثاً وذكوراً (10)، على كل حال فإنّ للآية مفهوماً واسعاً، يشمل جميع أنواع الإلتجاء إلى الجنّ، والخرافة المذكورة هي مصداق من مصاديقها، وكان في أوساط العرب كهنة كثيرون يعتقدون أنّ الجن باستطاعتهم حلّ الكثير من المشاكل وإخبارهم بالمستقبل.
﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ﴾ كان الرجل إذا أمسى بقفر يقول أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهائه ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ فزاد الإنس الجن بعوذهم بهم طغيانا فقالوا سدنا الجن والإنس أو فزاد الجن والإنس إثما بإغوائهم وهو من كلام الجن بعضهم لبعض أو استئناف من الله وعلى الفتح من الوحي وكذا الكلام في.