التفسير:
ذرني والمكذبين المستكبرين:
أشارت في الآية الأخيرة من الآيات السابقة إلى أقوال المشركين البذيئة، وعدائهم وإيذائهم للنّبي (ص)، أمّا في هذه الآيات فإنّ اللّه تعالى يهددهم بالعذاب الأليم، ويدعوهم إلى ترك ما هم عليه، ويواسي المؤمنين الأوائل، فيقول تعالى شأنه: (وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلاً).
أي دعني وايّاهم، واترك عقابهم لي ومهلهم قليلاً.
لتتمّ الحجّة عليهم ولتظهر ماهيتهم الحقيقية، ويُثقلوا ظهورهم بالخطايا فعندها يحلّ عليهم غضبي.
ولم يمض كثير حتى ازدادت شوكة المسلمين، ووجهوا ضرباتهم القوية لأعداء الرسالة، وذلك في معارك بدر وحنين والأحزاب، وبالتالي كان العذاب الإلهي ينتظرهم في البرزخ، حتى يخلدوا بعد ذلك في النّار في يوم القيامة.
والتعبير بـ "أُولي النعمة" إشارة الغرور والغفلة الناجمة من كثرة الأموال والثروة المادية، ولهذا يذكرهم القران في النصف الأوّل من المخالفين على طول تاريخ الأنبياء، وفي الحقيقة أنّ هذه الآية مشابهة للآية (34) من سورة سبأ حيث يقول تعالى: (وما أرسلنا في قرية من نذير إلاّ قال مترفوها إنّا بما اُرسلتم به كافرون) في حين أنّ هؤلاء لابدّ أن يلبوا دعوة الحق قبل غيرهم ليشكروا اللّه على ما أنعم عليهم بهذا الوسيلة.
﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ﴾ التنعم صناديد قريش ﴿وَمَهِّلْهُمْ﴾ زمنا ﴿قَلِيلًا﴾.