لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
سبب النّزول: ذكر سببان هذه الآيات، هما: 1 - اجتمعت قريش في دار الندوة فالتفت الوليد بن المغيرة إليهم، وكان الوليد شيخاً كبيراً مجرباً من دهاة العرب، وقال: وحدوا قولكم، فإنّ العرب يأتونكم من كل صوب ويسألونكم عمّا خفي عنهم لما عندكم من المنزلة السامية، ثمّ قال: ماذا تقولون في الرجل - وكان يعني رسول اللّه (ص) - قالوا: شاعر. فقبض الوليد وجهه، وقال إنّنا سمعنا الشعر وما هو شعر، قالوا: كاهن، قال: هل يصدر منه كلام الكهنة عند استماعكم إليه؟ هل يتحدث عن الغيب ؟ قالوا: مجنون. قال: لا يظهر عليه أثر الجنون. قالوا: ساحر: قال: كيف؟ قالوا: يفرق بين الحبيب وحبيبه، فقال: بلى - لافتراق من كان يسلم عن جماعته، فتفرّقوا وصاروا يمرون برسول اللّه (ص) وينادونه يا ساحر يا ساحر، فسمع النبيّ (ص) ذلك واغتم لهذا الأمر، فنزلت بالآيات المذكورة في صدر السورة حتى الآية (25) لمواساة الرسول (ص). وقيل: لما نزلت عليه: (حم تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العذاب) قام إلى المسجد والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته، فلما فطن النبيّ (ص) لاستماعه لقراءته أعاد قراءة الآية، فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه مخزوم، فقال: واللّه، لقد سمعت من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإنّ له لحلاوة وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أعلاه لمُثْمَر وأنّ أسفله لمغدق، وإنّه ليعلو وما يُعلى، ثمّ انصرف إلى منزله. فقالت قريش: صبا - واللّه - الوليد، واللّه لتصبأنّ قريش كلّها، وكان يقال للوليد ريحانة قريش، فقال أبوجهل: أنا أكفيكموه، فانطلق فقعد إلى جانب الوليد حزيناً، فقال له الوليد: ما أراك حزيناً يا ابن أخي، قال: هذه قريش يعيبونك على كبر سنّك، ويزعمون أنّك مدحت كلام محمّد فقام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه، فقال: أتزعمون أنّ محمّداً مجنون، فهل رأيتموه يخنق قط؟ فقالوا: اللّهمّ لا. قال: أتزعمون أنّه كاهن، فهل رأيتم عليه شيئاً من ذلك؟ قالوا: اللّهم لا. قال: أتزعمون أنّه شاعر، فهل رأيتموه أنّه ينطق بشعر قط؟ قالوا: اللّهمّ لا. قال: أتزعمون أنّه كذّاب، فهل جربتم على شيئاً من الكذب؟ قالوا: اللّهمّ لا، وكان يسمى الصادق الأمين قبل النبوّة من صدقه، فقالت قريش للوليد: فما هو؟! فتفكر في نفسه، ثمّ نظر وعبس، فقال: ما هو إلاّ ساحر، ما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه فهو ساحر وما يقوله سحرٌ يؤثر (1). التفسير: الوليد بن النغيرة...الثري المغرور: تواصل هذه الآيات انذار الكفّار والمشركين كما في الآيات السابقة مع فارق، وهو أنّ الآيات السابقة كانت تنذر الكافرين بشكل عام، وهذه تنذر أفراداً معينين بتعابير قوية وبليغة بأشدّ الإنذارات، فيقول تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيداً) والآيات الآتية نزلت في الوليد بن المغيرة كما قلنا، وهو من أقطاب قريش المشهورين و (وحيداً) يمكن أن يكون وصفاً للخالق جلّ شأنه، ويمكن أن يكون للمخلوق، وهناك احتمالان للمعنى الأوّل للوحيد. الأوّل: ذرني وحيداً مع هذا الكافر لاُعذّبه عذاباً شديداً. والآخر: دعني ومن خلقته حال كوني وحيداً لا يشاركني في خلقه أحد، ثمّ دبّرت أمره أحسن التدبير، ولا تحلّ بيني وبينه لكونه منكراً لنعمائي. وأمّا المعنى الثّاني فهناك احتمالات أيضاً، فقد يكون المعنى: دعني ومن خلقته حال كونه وحيداً في بطن اُمّه وعند ولادته لا أموال عنده ولا أولاد، ثمّ وهبته من نعمائي. أو أنّه سمّي نفسه بذلك كما في المقولة المشهورة: "أنا الوحيد ابن الوحيد، ليس لي في العرب نظير، ولا لأبي نظير (2) "! وذكر المعنى في الآية استهزاء بقوله وأحسن الوجوه الأربعة أوّلها. ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ حال من الياء أي اتركني وحدي معه أكفله أو من التاء أي ومن خلقته وحدي بلا شركة أحد أو من العائد المقدر أي خلقته فريدا لا مال له ولا ولد وهو الوليد بن المغيرة.