وأخيراً يضيف: (حتى أتانا اليقين).
من الواضح أنّ إنكار المعاد ويوم الحساب والجزاء يزلزل جميع القيم الإلهية والأخلاقية، ويشجع الإنسان على ارتكاب المحارم، ويرفع كلّ مانع هذا الطريق، خصوصاً إذا استمر إلى آخر العمر، على كل حال فإنّ ما يستفاد من هذه الآيات أنّ الكفّار هم مكلّفون بفروع الدين، كما هم مكلّفون بالاُصول، وكذلك تشير إلى أن الأركان الاربعة، أي الصلاة والزّكاة وترك مجالس أهل الباطل، والإيمان بالقيامة لها الأثر البالغ في تربية وهداية الإنسان، وبهذا لا يمكن أن يكون الجحيم مكاناً للمصلين الواقعيين، والمؤتين الزّكاة، والتاركين الباطل والمؤمنين بالقيامة.
باطبع فإنّ الصلاة هي عبادة اللّه، ولكنّها لا تنفع إذا لم يمتلك الإنسان الإيمان به تعالى، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإيمان والإعتقاد باللّه والتسليم لأوامره، ويمكن القول إنّ هذه الاُمور الأربعة تبدأ بالتوحيد ينتهي بالمعاد، وتحقق العلاقة والرابطة بين الإنسان والخالق، وكذا بين المخلوقين أنفسهم.
والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد من (اليقين) هنا هو الموت، لأنّه يعتبر أمرٌ يقيني للمؤمن والكافر، وإذا شك الإنسان في شيء ما فلا يستطيع أن يشك بالموت ونقرأ أيضاً في الآية (99) من سورة الحجر: (واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين).
ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة، وهذا ما يتفق نوعاً ما مع التّفسير الأوّل.
﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ عيان الموت.