لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وفي الآية الأخيرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السيئة لهذه الجماعة فيقول تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين). فلا تنفعهم شفاعة الأنبياء ورسل اللّه والائمّة، ولا الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا كل هذه العوامل، فالشفاعة كالماء الزلال الذي تسقى به النبتة الفتية، وبديهي إذا ماتت النبتة الفتية، لايكن للماء الزلال أن يحييها، وبعبارة أُخرى كما قلنا في بحث الشفاعة، فإنّ الشفاعة من ( الشفع) وتعني ضم الشيء إلى آخر، ومعنى هذا الحديث هو أنّ المُشفّع له يكون قد قطع قسطاً من الطريق وهو متأخر عن الركب في مآزق المسير، فتضم إليه شفاعة الشافع لتعينه على قطع بقية الطريق (5). وهذه الآية تؤكّد مرّةً أُخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند اللّه، وهي جواب قاطع لمن ينكر الشفاعة، وكذلك توكّد على أنّ للشفاعة شروطاً وأنّها لا تعني اعطاء الضوء الأخضر لإرتكاب الذنوب، بل هي عامل مساعد لتربية الإنسان وايصاله على الأقل إلى مرحلة تكون له القابلية على التشفع، بحيث لا تنقطع وشائج العلاقة بينه وبين اللّه تعالى والأولياء. ملاحظة: شفعاء يوم القيامة: نستفيد من هذه الآيات والآيات القرآنية الأُخرى أنّ الشفعاء كثيرون في يوم القيامة (مع اختلاف دائرة شفاعتهم) ويستفاد من مجموع الرّوايات الكثيرة والمنقولة من الخاصّة والعامّة أنّ الشفعاء يشفعون للمذنبين لمن فيه مؤهلات الشفاعة: 1 - الشفيع الأوّل هو النّبي (ص): كما نقرأ في حديث حيث قال: "أنا أوّل شافع في الجنّة" (6). 2 - الأنبياء من شفعاء يوم القيامة، كما ورد في حديث آخر عن النّبي (ص) حيث قال: "يشفع الأنبياء في كلّ من يشهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصاً فيخرجونهم منها" (7). 3 - الملائكة من شفعاء يوم المحشر، كما نقل عن رسول اللّه (ص) حيث قال: "يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا" (8). 4، 5 - الأئمّة المعصومين وشيعتهم كما قال في ذلك أمير المؤمنين (ع) حيث قال: "لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة" (9) 6، 7 - العلماء والشّهداء كما ورد في حديث عن النّبي (ص) حيث قال: "يشفع يوم القيامة الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء" (10). وورد في حديث آخر عن النّبي (ص) قال: "يشفع الشّهيد في سبعين إنساناً من أهل بيته" (11). وفي حديث آخر نقلهُ المجلسي في بحار الأنوار: "إنّ شفاعتهم تقبل في سبعين ألف نفر" (12). ولا منافاة بين الرّوايتين إذ أنّ عدد السبعين والسبعين ألف هي من أعداد الكثرة. 8 - القرآن كذلك من الشفعاء في يوم القيامة كما قال أمير المؤمنين (ع): "واعلموا أنّه (القرآن) شافع مشفع" (13). 9 - من مات على الإسلام فقد ورد عن النّبي (ص): "إذا بلغ الرجل التسعين غفر اللّه ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّع في أهله" (14). 10 - العبادة: كما جاء في حديث عن الرّسول (ص): "الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة" (15). 11 - ورد في بعض الرّوايات أنّ العمل الصالح كأداء الأمانة يكون شافعاً في يوم القيامة.(16) 12 - والطريف هو ما يستفاد من بعض الرّوايات من أنّ اللّه تعالى أيضاً يكون شافعاً للمذنبين في يوم القيامة، كما ورد في الحديث عن النّبي (ص): "يشفع النّبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي".(17) والرّوايات كثيرة في هذه الباب وما ذكرناه هو جانب منها.(18) ونكرر أنّ للشفاعة شروطاً لا يمكن بدونها التشفع وهذا ما جاء في الآيات التي بحثناها والتي تشير بصراحة الى عدم تأثير شفاعة الشفعاء في المجرمين، فالمهم أن تكون هناك قابلية للتشفع، لأنّ فاعلية الفاعل لوحدها ليست كافية (أوردنا شرحاً مفصلاً في هذا الباب في المجلد الأوّل في بحث الشفاعة) ﴿فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ لو شفعوا لهم فرضا.