لهذا أكدت الآية التالية - التي هي آخر الآيات موضع البحث - هذا المعنى، وتقول للرسول(ص) أن: (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول).
ثمّ تضيف الآية أنّ هذا الأمر لا يخرج عن إحدى حالتين: (فإن تولوا فإنّما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم) ففي صورة العصيان فقد ادّى وظيفته وهو مسؤول عنها كما أنّكم مسؤولون عن أعمالكم حين أن وظيفتكم الطاعة، ولكن (وإن تطيعوه تهتدوا) لأنّه قائد لا يدعو لغير سبيل الله والحقّ والصواب.
في كل الأحوال (وما على الرّسول إلاّ البلاغ المبين) وإنّه(ص) مكلّف بإبلاغ الجميع ما أمر الله به، فإن أطاعوه استفادوا، وإنْ لم يُطيعوه خَسروا. وَلَيْسَ على النّبي أن يجبر الناس على الهداية وتقبّل دعوته.
وما يلفت النظر في الآية السابقة تعبيرها عن المسؤولية بـ "الحملِ" الثقيل وهذا هو الواقع، فرسالة النّبي(ص) تستوجب الإبلاغ عليه(ص) وعلى الناس طاعته. إنّها لمسؤوليةٌ لا يطيق حملها إلاّ المخلصون.
ولذا روى الإمام الباقر(ع) حديثاً عن النّبي(ص) قال فيه "يا معشر قرّاءِ القرآن، اتقوا الله عزَّوجلّ فيما حملكم من كتابه، فإنّي مسؤول، وأنتم مسؤولون: إنّي مسؤول عن تبليغ الرسالة، وأمّا أنتم فتسألون عما حُمِلْتُم من كتاب الله وسنّتي"(3).
﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا﴾ تتولوا عن الطاعة ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْهِ﴾ على الرسول ﴿مَا حُمِّلَ﴾ من التبليغ ﴿وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ من طاعته ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ إلى الرشد ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ وقد بلغ فإن قبلتم فلكم وإلا فعليكم.