والخصلة الرابعة للأبرار هي الإخلاص، فيقول: (إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً).
إنّ هذا المنهج ليس منحصراً بالإطعام، إذ أنّ جميع أعمالهم خالصة لوجه الله تعالى، ولا يتوقعون من الناس شكراً وتقديراً، وأساساً فإنّ قيمة العمل في الإسلام بخلوص النيّة وإلاّ فإنّ العمل اذا كان بدوافع غير الهية، سواء كان رياءً أو لهوى النفس، أو توقع شكر من الناس أو لمكافآت مادية، فليس لذلك ثمن معنوي وإلهي.
وقد أشار النّبي (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك إذ قال: "لا عمل إلاّ بالنيّة وإنّما الأعمال بالنيات".
والمراد من (وجه الله) هو ذاته تعالى، وإلاّ فليس لله صورة جسمانية، وهذا هو ما اعتمده وأكّده القرآن في كثير من آياته، كما في الآية (272) من سورة البقرة: (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله) والآية (28) من سورة الكهف التي تصف جلساء النبي (صلى الله عليه وآله): (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربّهم بالغداة والعشي يريدون وجهه).
﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ لطلب رضاه خاصة روي أنهم لا يتكلمون به ولكن علمه الله منهم فأثنى عليهم﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾ ولا شكرا على الإطعام.