والآن لابدّ أن نرى الغرض من هذه الأيمان، الآية التالية ترفع الستار عن هذا المعنى، فتقول: (إنّما توعدون لواقع).
إنّ البعث والنشور، والثواب والعقاب والحساب والجزاء كلها حق لا ريب فيه.
ويرى البعض أنّها إشارة إلى جميع الوعود الإلهية، وتشمل وعود الصالحين والطالحين، في الدنيا كانت أو في الآخرة، ولكنّ الآيات التالية توحي أنّ المراد هو الوعد بالقيامة (3).
وهنا وإن لم يستدل في هذه الآية على مسألة المعاد واكتفى بالادعاء، فإنّ ظرافة الموضوع تكمن في أنّ مواضيع الأيمان السابقة تُعتبر بحدّ ذاتها دلائل للمعاد، منها إحياء الأراضي الميتة بالأمطار، وهذا نموذج ممّا يحدث في المعاد، ثمّ نزول التكاليف الإلهية على الأنبياء وإرسال الرسل ممّا لا يكون الهدف منه واضحاً ومفهوماً إلاّ بوجود المعاد، وهذا يُشير إلى أنّ واقعة البعث أمر حتمي.
وجاء ما يشابه هذا الموضوع في الآية (23) من سورة الذاريات إذ يقول الله تعالى: (فوربّ السماء إنّه لحق) القسم بالربّ يعتبر إشارة إلى أنّ ربوبية الربّ وتدبيره عالم الخلق يستوجب عدم تركه للخلق دون رزق.
﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ ﴾ من البعث والجزاء ﴿لَوَاقِعٌ﴾ كائن لا محالة.