أمّا الآية الثّانية ففيها إِشارة إِلى وضع نفر من المنافقين أو المتذبذبين من ضعاف الإِيمان، الذين يتظاهرون حين يحضرون عند النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين بأنّهم مع الجماعة، ويظهرون الطاعة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليدفعوا بذلك الضرر عن أنفسهم وليحموا مصالحهم الخاصّة، بدعوى الإِخلاص والطاعة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (ويقولون طاعة).
وبعد أن ينصرف الناس من عند النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويختلي هؤلاء بأنفسهم يتجاهلون عهودهم في إطاعة النّبي ويتآمرون في ندواتهم الخاصّة - السرية الليلية - على أقوال النّبي: (فإِذا برزوا من عندك بيّت طائفة منهم غير الذي تقول...).
نعرف من هذه الآية أنّ المنافقين في زمن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا لا يألون جهداً في التآمر على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانوا يخططون في إجتماعاتهم السرّية للوقوف بوجه الدعوة.
ولكن الله يأمر نبيّه بأن لا يلتفت إِلى مكائد هؤلاء، وأن لا يخافهم ولا يخشى خططهم وأن يتجنب الإِعتماد عليهم في مشاريعه، بل يتوكل على الله الذي هو خير ناصر ومعين: (فاعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلآ).
﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾ لأنه يأمر بما أمر الله وينهى عما نهى الله ﴿وَمَن تَوَلَّى﴾ أعرض عن طاعته ﴿فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ نحاسبهم على أعمالهم بل نذيرا وعلينا حسابهم.