وبعد أن أشار القرآن إجمالاً إلى السماوات، يشير إلى نعمة الشمس، فيقول: (وجعلنا سراجاً وهّاجاً) (9).
"الوهّاج": من الوهج، بمعنى النور والحرارة التي تصدر من النار (10).
وإطلاق هذه الصفة على الشمس، للإشارة إلى نعمتين كبيرتين وهما: (النور) و (الحرارة) ويتفرع عنهما نعم وعطايا كثيرة يزخر بها عالمنا.
ولا تتحدد فوائد نور الشمس بإضاءة الدنيا للإنسان، بل لها أثر كبير في نمو سائر الكائنات الحيّة.
وإضافة لكل ما تقدم، فلحرارة الشمس أثر أساس في: تكوّن الغيوم، حركة الهواء، نزول الأمطار، وسقي الأراضي اليابسة.
ولأشعة الشمس كذلك الأثر البالغ في مكافحة الجراثيم، لاحتوائها على الأشعة ما وراء الحمراء التي تقتل الجراثيم، ولولاها لتحولت الأرض إلى مستشفى عظيمة، ولانتهت الحياة البشرية على ظهرها خلال مدّة محدودة جدّاً.
وأشعة الشمس في واقعها: نور صحي مجاني دائمي، يصلنا بكيفية لا هي بالشديدة المحرقة، ولا هي بالقليلة العديمة التأثير.
ونسبة ما يصلنا من الطاقة الشمسية قياساً مع بقية المصادر كثير جدّاً، وعلى سبيل الفرض: فلو أردنا إنماء شجرة تفاح بواسطة نور صناعي، فستكلفنا التفاحة الواحدة مبلغاً رهيباً.
نعم... فنعمة هذا السراج الوهّاج لا يمكننا تعويضها بمال كل الأغنياء (11).
وقد قُدّر حجم الشمس بما يقارب المليون وثلاثمائة ألف مرّة نسبة إلى حجم الكرة الأرضية، والفاصلة بين الشمس والأرض تقدر بحدود مائة وخمسين مليون كليومتر... وأنّ حرارة الشمس الخارجية تصل إلى ستة آلاف درجة مئوية... وتصل حرارتها الداخلية ما يقارب مليون درجة مئوية! وهذا النظام الموزون بحكمة بالغة، لمن الدقة بحال أنّه لو اختل قليلاً (زياة أو نقصان) لما أمكن للبشر أنْ يعيشوا على سطح الكرة الأرضية، ولا يسعنا المجال لنتطرق لمزيد من التفصيل والبيان حول هذا الموضوع.
﴿وَجَعَلْنَا﴾ الشمس ﴿سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾ منيرا متلألئا للعالمين شديد الحر.