التفسير:
اللمسات الرّبانية في عالم الطبيعة ونظام الكون:
ينتقل البيان القرآني مرّة اُخرى إلى عالم القيامة، بعد ذكر تلك اللمحات البلاغية في قصّة موسى (ع) مع فرعون، فيعرض صوراً من قدرة اللّه المطلقة في عالم الوجود، ليستدل به على إمكان المعاد، ويشرح بعض النعم الإلهية على البشرية (التي لا تعدّ ولا تحصى)، ليحرك فيهم حس الشكر والذي من خلاله يتوصلون لمعرفة اللّه.
وابتدأ الخطاب باستفهام توبيخي (لمنكري المعاد) هل أنّ خلقكم (وإعادتكم إلى الحياة بعد الموت) أصعب من خلق السماء: (أأنتم أشدُّ خلقاً أم السماء بناها) (1).
والآية في واقعها جوابٌ لما ذكر من وقولهم في الآيات السابقة: (أإنّا لمردودون في الحافرة) - أي هل يمكن أن نعود إلى حالتنا الاُولى - فكلّ إنسان ومهما بلغت مداركه ومشاعره من مستوى، ليعلم أنّ خلق السماء وما يسبح فيها من نجوم وكواكب ومجرّات، لهو أعقد وأعظم من خلق الإنسان... وإذاً فَمَن له القدرة على خلق السماء وما فيها من حقائق، أيعقل أن يكون عاجزاً عن إعادة الحياة مرّة اُخرى إلى الناس؟!
﴿أَأَنتُمْ﴾ أي منكرو البعث ﴿أَشَدُّ﴾ أصعب ﴿خَلْقًا أَمِ السَّمَاء﴾ ثم بين كيف خلقها فقال ﴿بَنَاهَا﴾.