ويضيف القرآن في بيان خلق السماء، فيقول شارحاً بتفصيل: (رفع سمكها فسواها).
"سمك": - على وزن سقف - لغةً: بمعنى الإرتفاع، وجيئت بمعنى (السقف) أيضاً، وعلى قول الفخر الرازي في تفسيره: إنّ الشيء المرتفع لو قيس ارتفاعه من الأعلى إلى الأسفل فالنتيجة تسمّى (عمق)، أمّا لو قيس الإرتفاع من الأسفل إلى الأعلى فهو (سمك) (2).
"سواها": من (التسوية)، بمعنى التنظيم، وهي تشير إلى دقّة التنظيم الحاكمة على الأجرام السماوية، وإذا اعتبرنا "سمكها" بمعنى "سقفها"، فهي إشارة إلى الغلاف الجوي الذي حفّ وأحاط بالكرة الأرضية كالسقف المحكم البناء، والذي يحفظها من شدّة آثار الأحجار السماوية، والشهب، والأشعة الكونية والمميتة والمتساقطة عليها باستمرار.
وقيل: إنّ "سواها" إشارة إلى كروية السماء وإحاطتها بالأرض، حيث أنّ التسوية هنا تعني تساوي الفاصلة بين أجزاء هذا السقف نسبة إلى المركز الأصلي (الأرض)، ولا يتحقق ذلك من دون كروية الأرض وما حولها (السماء).
وقيل أيضاً: إنّ الآية تشير إلى ارتفاع السماء والأجرام السماوية وبعدها الشاسع عن الأرض، بالإضافة لإشارتها للسقف المحفوظ المحيط بالأرض.
وعلى أيّة حال، فالآية قد نهجت بذاتِ سياق الآية (57) من سورة المؤمن: (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون).
﴿رَفَعَ سَمْكَهَا﴾ جمل مقدار علوها رفيعا ﴿فَسَوَّاهَا﴾ جعلها مستوية بلا تفاوت ولا عيب.