لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
ثمّ تنتقل إلى ما سيصيب الكواكب ونظامها: (وإذا الكواكب انتثرت). فسينهدم العالم العلوي، وستحدث الإنفجارات العظيمة المهيبة في كلِّ النجوم السماوية، وسيتخلخل نظام المنظومات الشمسية، فتخرج النجوم من مساراتها لتصطدم الواحدة بالاُخرى وتتلاشى... فينتهي عمر العالم، ويتناثر كلُّ شيء ليُبنى على أنقاضه عالم جديد آخر. "انفطرت": من (الإنفطار)، بمعنى الإنشقاق، وقد ورد التعبير في آيات اُخرى كالآية الاُولى من سورة الإنشقاق: (إذا السماء انشقت)، والآية (18) من سورة المزمل: (السماء منفطر به). "انتثرت": من (النثر) على وزن (نصر)، بمعنى نشر الشيء وتفريقه، و"الإنتثار": هو الإنتشار والتفرق. وباعتبار أنّ انتشار النجوم يؤدّي إلى تفرقها في السماء (كحبات العقد المنفرط) فقد فسّرها الكثير من المفسّرين بـ (سقوط النجوم)، وهو من لوازم معنى الإنتثار. "الكواكب": جمع (كوكب)، وله معان كثيرة، منها: النجوم بشكل عام، والزهرة بشكل خاص، النبت إذا طال، البياض الذي يظهر في سواد العين، لمعان الحديد: بريقه وتوقده و"غلام كوكب": ممتليء إذا ترعرع وحسن وجهه، وكوكب كلّ شيء: معظمه، مثل كوكب العشب وكوكب السماء وكوكب الشمس. والكوكب أيضاً: الماء، السيف، سيد القوم... الخ. وعلى ما يبدو أنّ المعنى الحقيقي هو (النجم المتلأليء)، وما دون ذلك معان مجازية استعملت لعلاقة المشابهة. ولكن، ما هي العوامل التي ستؤدي بالكواكب إلى التناثر والتفرق في الفضاء مع فقدانها لنظامها الذي يحكمها؟ هل بسبب فقدان التعادل الموجود في الجاذبية فيما بينها؟ أم ثمّة قوّة هائلة ستفعل ذلك؟ أم بسبب التوسع المستمر الحاصل في العالم - كما يقول ذلك العلم الحديث؟... لا يستطيع أيِّ أحد أنْ يتكهن السبب بدّقة... وكلُّ ما نعلمه أنّ هذه الاُمور تهدف إلى تعريف الإنسان بما سيحدث بالمستقبل الآت، وتدعوه لخلاص نفسه من أهوالها، وهو الكائن الضعيف وسط تلك الحوادث الجسام؟! فالآيات تحذر الإنسان من أن يتخذ العالم الفاني هدفاً لوجوده، فيتصوره محل خلوده، لأنّ ذلك سيؤول إلى تلوث قلب الإنسان (شاء أم أبى)، وما ينتج عن التلوث سوى الذنوب المؤدّية إلى عذاب الجحيم...وينتقل البيان القرآني من السماء إلى الأرض، فيقول: (وإذا البحار فجّرت) أي اتصلت. مع أنّ البحار متصلة فيما بينها قبل حلول ذلك اليوم (ما عدا البحيرات)، لكنّ اتصالها سيكون بشكل آخر، حيث ستفيض جميعها وتتمزق حدودها وتصير بحراً واحداً لتشمل كلّ الأرض، بسبب الزلازل المرعبة وتحطم الجبال وسقوطها في البحار... هذا أحد تفاسير الآية السادسة من سورة التكوير (الآنفة الذكر) (وإذا البحار سجّرت). وثمّة احتمال آخر بخصوص الآية المبحوثة والآية (رقم 6) من سورة التكوير، يقول: يراد بـ "فجّرت" و"سجّرت" الإنفجار والإحتراق، لأنّ مياه البحار والمحيطات ستتحول إلى قطعة من نار لاهب. وكما أشرنا سابقاً، فالماء يتكون من عنصرين شديدي الإشتعال (الأوكسجين والهيدروجين) فلو تحلل الماء إلى عنصريه فسيكفيه شرارة صغيرة لجعله قطعة ملتهبة من النيران. وتتناول الآية التالية عرضاً لمرحلة القيامة الثانية، مرحلة تجديد الحياة وإحياء الموتى، فتقول: (إذا القبور بعثرت)... واُخرج الموتى للحساب. "بعثرت": قلب ترابها وأثير ما فيها. واحتمل (الراغب) في مفرداته: إنّ "بعثرت" تكونت من كلمتين، (بعث) و (اُثيرت)، فجاء المعنى منهما، كقولنا: "بسملة" من "بسم" ولفظ الجلالة "اللّه". وعلى آيّة حال، فإننا نرى شبيه هذا المعنى قد ورد في سورة الزلزال: (وأخرجت الأرض أثقالها) أي الأموات (بناءً على المشهور من تفاسيرها)، وفي الآيتين (13 و14) من سورة النّازعات: (فإنّما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة). وتوضح الآيات إنّ إحياء الموتى وإخراجهم من القبور سيكون مفاجئاً وسريعاً. ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ﴾ تساقطت.