سبب النّزول:
ذكر المفسّرون سببين لنزول هذه الآيات:
الأوّل: إنّها نزلت في علي بن أبي طالب (ع)، وذلك... إنّه كان في نفر من المسلمين جاؤوا إلى النّبي (ص)، فسخر منهم المنافقون، وضحكوا، وتغامزوا...فنزلت الآية قبل أن يصل علي (ع) وأصحابه إلى النّبي (ص).
وذكر الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتابه (شواهد التنزيل) عن ابن عباس قال: (إنّ الذين أجرموا) منافقو قريش، و (الذين آمنوا) علي بن أبي طالب (ع) وأصحابه. (1)
الثّاني: إنّها نزلت في مشركي قريش، أبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأشياعهم، كانوا يستهزؤون بفقرائهم كعمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم. (2)
التّفسير:
بالأمس كانوا يضحكون من المؤمنين...أمّا!!
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن النعم التي تنتظر الأبرار والصالحين في الحياة الآخرة، تبدأ الآيات أعلاه بتبيان جوانب ممّا يعانوه من مصائب ومشاكل في الحياة الدنيا بسبب إيمانهم وتقواهم...
وأنّ ما سيناله الأبرار من ثواب جزيل ليس اعتباطياً.
فالآيات تنقل لنا أساليب الكفار القذرة التي كانوا يتعاملون بها مع المؤمنين البررة، وقد صنّفتها في أربعة أساليب:
الاُسلوب الأوّل: (إنّ الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) فأصل الطغيان والتكبر والغرور والغفلة الذي زُرع في نفوسهم، يدفعهم للضحك على المؤمنين والإستهزاء بهم والنظر إليهم بسخرية واحتقار!
وهذا هو شأن كلّ من غرّته أحابيل الشيطان في مواجهة مَن آمن واتقى، وعلى مرِّ الأيّام.
وجاء وصفهم بـ "أجرموا" بدلاً من "كفروا"، للإشارة إلى إمكان معرفة الكافرين من خلال أعمالهم الإجرامية، فالكفر دائماً مصدراً للجرائم والعصيان.
(إن الذين أجرموا) من مترفي قريش (كانوا من الذين ءامنوا) من فقراء المؤمنين (يضحكون) استهزاء بهم.