والاُسلوب الرّابع: (وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالّون).
لماذا؟ لأنّهم تركوا ما كان شائعاً من عبادة الأصنام، والخرافات التي يعتبرونها هداية! واتجهوا نحو الإيمان باللّه والتوحيد الخالص.
ولأنّهم باعوا لذة الدنيا الحاضرة بنعيم الآخرة الغائبة!...
ويمكن أن تكون هذه المواجهة قد حدثت بعد إنتهاء مرحلة الإستهزاء، بعد أن غُلّف الأمر بطابع الجديّة ورأوا ضرورة المواجهة الشديدة، لأنّ حال المشركين والكافرين على مرّ التاريخ في مواجهتهم لدعوة ورسالات الأنبياء (ع) تبدأ بالسخرية وعدم المبالاة، وكأنّهم لم يشاهدوا بعد من الدين الجديد ما يوجب الوقوف أمامه بجدٍّ وحزم، ولكن بمجرّد إحساسهم بأنّ الدين الإلهي راح ينفذ إلى قلوب النّاس، ورؤيتهم لازدياد أتباعه، سيزداد إحساسهم بالخطر، فيدخلون مرحلة المواجهة العنيفة مع الدين الجديد.
فتشير الآية إلى أوّل خطوة جادة من قبل المجرمين في قبال المؤمنين، التي تتبعها خطوات وخطوات حتى تصل الحال إلى المواجهة الدموية الحادّة.
وغالباً ما لا يكون المؤمنون من أثرياء أو وجهاء القوم، ولذلك يُنظر إليهم باحتقار ويهزأ بدينهم وإيمانهم، في مجتمع يسوده التمايز الطبقي بشكل راسخ وظاهر.
(وإذا رأوهم) رأوا المؤمنين (قالوا إن هؤلاء لضالون) باتباع محمد.