لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وإلى ذلك المطاف، ستنفصل البشرية إلى فريقين: (فأمّا مَن اُوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً، وينقلب إلى أهله مسروراً). فالذين ساروا على هدي المخطط الربّاني لحركة الإنسان على الأرض، وكان كلّ عملهم وسعيهم للّه دائماً، وكدحوا في السير للوصول إلى رضوانه سبحانه، فسيعطون صحيفة أعمالهم بيمينهم، للدلالة على صحة إيمانهم وقبول أعمالهم والنجاة من وحشة ذلك اليوم الرهيب، وهو مدعاة للتفاخر والإعتزاز أمام أهل المحشر. وحينما توضع أعمال هؤلاء في الميزان الإلهي الذي لا يفوته شيء مهما قلّ وصغر، فإنّه سبحانه وتعالى: سييّسر حسابهم، ويعفو عن سيئاتهم، بل ويبدل لهم سيئاتهم حسنات. أمّا ما المراد من "الحساب اليسير"؟ فذهب بعض إلى أنّه العفو عن السيئات والثواب على الحسنات وعدم المدافة في كتاب الأعمال. وحتى جاء في الحديث الشريف: "ثلاث مَن كنّ فيه حاسبه اللّه حساباً يسيراً، وأدخله الجنّة برحمته. قالوا: وما هي يا رسول اللّه؟! قال: تعطي من حرمك، وتصل مَن قطعك، وتعفو عَمَّن ظلمك" (3). وجاء في بعض الرّوايات، أنّ الدقّة والتشديد في الحساب يوم القيامة تتناسب ودرجة عقل وإدراك الإنسان. فعن الإمام الباقر (ع)، أنّه قال: "إنّما يداق اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على ما آتاهم من العقول في الدنيا" (4). ووردت أقوال متفاوتة في تفسير كلمة "الأهل" الواردة في الآية (إلى أهله). فمنهم مَن قال: هم الزوجة والأولاد المؤمنين، لأنّه سيلتحق بهم في الجنّة، وهي بحدّ ذاتها نعمة كبيرة، لأنّ الإنسان يأنس بلقاء مَن يحب، فكيف وسيكون معهم أبداً في الجنّة! ومنهم مَن قال: الأهل: الحور العين اللاتي ينتظرنّهم في الجنّة. وآخرين قالوا: هم الاُخوة المؤمنين الذين كانوا معه في الدنيا. ولا مانع من قبول كلّ هذه الأقوال في معنى الآية وما رمزت له. بحثان: 1 - خذ العلم من عليّ (ع) في تفسير الآية المباركة: (إذا السماء انشقت)، روي عن أميرالمؤمنين (ع) أنّه قال: "إنّها تنشق من المجرّة". (5) والحديث يعتبر من الإعجاز العلمي لأمير المؤمنين (ع)، حيث أنّه قد كشف الستار عن حقيقة علمية قائمة لم يكن قد سبقها من علماء تلك الأزمان أحد قبله (ع)، وبقيت هذه الحقيقة خافية عن أنظار النّاس (سوى الراسخين في العلم)، إلى أن تمّ صنع التلسكوبات الكبيرة، فتوصل علماء الفلك المعاصرين إليها. فعالم الوجود، يتكون من مجموعة مجرات، والمجرة عبارة عن مجموعة عظيمة من النجوم والمنظومات الشمسية، ولذا فقد اُطلق على المجرات اسم (مدن النجوم). ومن هذه المجرات، مجرة (درب التبانة) المعروفة والتي يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، والمتكونة من مجموعة من النجوم والشموس على شكل دائرة، ويبدو لنا طرفها البعيد عنّا بصورة سحاب أبيض، وما هو في حقيقته إلاّ مجموعة من النجوم، تبدو لنا بهذه الصورة نتيجة لبعدها وعجز عيوننا عن تشخيصها. وما نراه ليلاً على سطح السماء هو طرفها القريب. ومنظومتنا الشمسية جزء من هذه المجرة العظيمة. وكما يقول حديث أمير المؤمنين (ع)، فإنّ النجوم التي نراها في السماء اليوم، ستنفصل عن المجرة، وبها تنشق السماء. فمن كان يعلم في زمانه (ع) إنّ النجوم المتناثرة على القبة السماوية هي جزء من مجرّة عظيمة؟! نعم، لا يعلم بذلك، إلاّ مَن كان قلبه متصلاً بعالم الغيب، ومَن يستقي من علم اللّه تعالى استقاءً. 2 - الدنيا دار بلاء التعبير بـ "كادح" للإشارة إلى أن طريق الحياة شاق وصعب، وخوضه يستلزم العناء والألم والمشاكل، في كافة خطوات المسير ولا يستثنى من ذلك الروح أو البدن، بل كليهما وبكلّ ما يحملان من جوارح وجوانح لا يخلوان من التأثر بهذه الطبيعة الحاكمة على الحياة الدنيا. ويحدثنا الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، فيما روي عنه أنّه قال: "الراحة لم تخلق في الدنيا ولا لأهل الدنيا، إنّما خلقت الراحة في الجنّة ولأهل الجنّة، والتعب والنصب خلقا في الدنيا، ولأهل الدنيا، وما اُعطي أحد منها جفنة إلاّ أعطى من الحرص مثليها، ومَن أصاب من الدنيا أكثر، كان فيها أشد فقراً لأنّه يفتقر إلى النّاس في حفظ أمواله، ويفتقر إلى كلّ آلة من آلات الدنيا، فليس في غنى الدنيا راحة...". وجاء في آخر حديثه (ع) : "كلاّ ما تعب أولياء اللّه في الدنيا للدنيا، بل تعبوا في الدنيا للآخرة". (6) ﴿وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ﴾ في الجنة ﴿مَسْرُورًا﴾ بما أوتي.