ويستثني المؤمنون من تلك البشرى المخزية: (إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون).
"ممنون": من (المنّ)، وهو القطع والنقصان، (ومنه "المنون" بمعنى الموت).
وإذا ما جمعنا كلّ هذه المعاني، فستكون النعم الاُخروية على عكس الدنيوية الناقصة والمنقطعة والمقترنة بمنّة هذا وذاك، حيث أنّها لا تنقطع ولا تنقص وليس فيها منّة.
أمّا الإستثناء الذي ورد في الآية السابقة، ففيه بحث: هل أنّه "متصل" أو "منقطع".
قال بعض المفسّرين: إنّة منقطع، أي: إنّ القرآن الكريم انتقل بالآية من الحديث حول الكفار الذي عرض في الآيات السابقة، إلى الحديث عن المؤمنين وما ينتظرهم من أجر وثواب.
والأقرب لسياق الآيات أن يكون الإستثناء متصلاً، وفي هذه الحال يكون هدفه فتح الطريق أمام الكفار للعودة وتشجيعهم على ذلك، لأنّ الآية تقول: إنّ العذاب الأليم المذكور في الآية السابقة سوف لا يصيب مَن يؤمن منهم ويعمل صالحاً وعلاوة على ذلك، سيكون له أجر غير ممنون.
بحث
وقد استنبط العلاّمة الطبرسي، في كتابه مجمع البيان، من الآيات الأخيرة للسورة ما يلي:
أوّلاً: حرية إرادة الإنسان واختياره.
فقال: قوله سبحانه: (فما لهم لا يؤمنون) و (لا يسجدون) دلالة على أنّ السجود فعلهم، لأنّ الحكيم لا يقول: مالك لا تؤمن ولا تسجد، لمن يعلم أنّه لا يقدر على الإيمان والسجود.
ثانياً: إنّ الذمّ على ترك السجود دليل على أنّ الكفار كما أنّهم مكلفون باُصول الدين كذلك بفروعه أيضاً.
(هذا القول مبنيٌّ على اعتبار كلمة السجود الواردة في الآية يراد منها (سجود الصلاة)، أو حتى إذا اعتبرنا الكلمة بمفهومها العام، فهي تتضمّن سجود الصلاة كذلك).
اللّهمّ! يسّر علينا الحساب يوم حشر الخلق في ساحة عدلك...
اللّهمّ! الكلّ إليك راجعون، فاهدنا الصراط المستقيم فيمن هديت...
ربّنا! نحن مسلّمون ومطأطئون برؤوسنا إجلالاً لقرآنك فوفقنا للعمل بتعليماته وارشاداته... وارزقنا العمل بكتابك الكريم.
آمين يا ربّ العالمين
نهاية سورة الإنشقاق
﴿إِلَّا﴾ لكن ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ أو متصل أي إلا من آمن منهم ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾مقطوع أو مكدر بالمن