ثمّ وصف هذه النار المحرقة وصفاً عجيباً، فيقول تعالى: (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً).
في هذه الآية، تعبيرات بليغة متعددة، تخبر عن شدّة هذا العذاب الإِلهي:
1 - إنّه لا يقول: إنّهم يرون نار جهنم من بعيد، بل يقول: إن النار هي التي تراهم - كأن لها عيناً وأُذناً - فسمّرت عينها على الطريق بانتظار هؤلاء المجرمين.
2 - إنّها لا تحتاج إلى أن يقترب أولئك المجرمون منها، حتى تهيج، بل إنّها تزفر من مسافة بعيدة.. من مسافة مسيرة عام، طبقاً لبعض الروايات.
3 - وصفت هذه النار المحرقة بـ "التغيظ" وذلك عبارة عن الحالة التي يعبّر بها الإِنسان عن غضبه بالصراخ والعويل.
4 - إن لجهنم "زفيراً" يعني كما ينفث الإِنسان النفس من الصدر بقوة، وهذا عادة في الحالة التي يكون الإِنسان مغضباً جداً.
مجموع هذه الحالات يدل على أن نار جهنم المحرقة تنتظر هذه الفئة من المجرمين كانتظار الحيوان المفترس الجائع لغذائه "نستجير بالله".
﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ أي إذا كانت منهم بمرأى الناظر في البعد ﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا﴾ صوت تغيظ ﴿وَزَفِيرًا﴾ شبه صوت غليانها بصوت المغتاظ وزفيره أو يخلق لها حياة فترى وتغضب وتزفر وذلك لزبانيتها فنسب إليها على حذف مضاف.