ولن يقف عذابهم عند هذا الحد، بل أنّهم وبسبب حرارة النيران يصيبهم العطش الشديد وحينئذ: (تسقى من عين آنية).
"آنية": مؤنث آني من (الأني) - على زنة حلي - وهو التأخير، ويستعمل لما يقرب وقته، وجاء في الآية بمعنى: الماء الحارق الذي بلغ أقصى درجة حرارته وجاء في الآية (29) من سورة الكهف: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) وتحكي لنا الآية التالية عن طعام المجرمين: (ليس لهم طعام إلاّ من ضريع) وقد تعددت الآراء في معنى "الضريع".
فقال بعض: نبت ذو شوك لاصق بالأرض، تسمّيه قريش (الشبرق) إذا كان رطباً، فإذا يبس فهو (الضريع)، لا تقربه دابة ولا بهيمة ولا ترعاه، وهو سم قاتل. (2)
وقال الخليل (أحد علماء اللغة) : الضريع نبات أخضر منتن الريح، يرمي به البحر.
وعن ابن عباس: هو شجر من نار، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض وما عليها.
وجاء في الحديث النبوي الشريف: "الضريع شيء يكون في النّار يشبه الشوك، أشدّ مرارة من الصبر، وأنتن من الجيفة، وأحر من النّار، سمّاه اللّه ضريعاً".
وقال بعض آخر: هو طعام يضرعون عنده ويذلون، ويتضرعون منه إلى اللّه تعالى طلباً للخلاص منه. (3)
(ويُذكر أن (الضرع) بمعنى الضعف والذلة والخضوع). (4)
ولا تعارض بين هذه التفاسير، ويمكن قبولها كلها في تفسير الآية المذكورة.
﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾ متناهية في الحر.