ثمّ يأتي الذّم الرّابع: (وتحبّون المال حبّاً جمّاً) (6).
فأنتم...عبدة دنيا، طالبي ثروة، عشاق مال ومتاع...ومَن يكون بهذه الحال فمن الطبيعي أن لا يعتني في جمعه للمال، أكان من حلال أم من حرام، ومن الطبيعي أيضاً أن يتجاوز على الحقوق الشرعية المترتبة عليه، بأن لا ينفقها أو ينقص منها...ومن الطبيعي كذلك إنّ القلب الذي امتلأ بحبّ المال والدنيا سوف لا يبقى فيه محل لذكر اللّه عزّوجلّ.
ولذا نجد القرآن الكريم بعد ذكره لمسألة امتحان الإنسان، يتعرض لأربعة اختبارات يفشل فيها المجرمين.
إكرام اليتيم.
إطعام المسكين.
أسهم الإرث.
وجمعه من طريق مشروع وغير مشروع.
وجمع المال بدون قيد أو شرط.
والملاحظ أنّ الاختبارات المذكورة إنّما تدور حول محور الأموال، للإشارة ما للمال من مطبات مهلكة، ولو تجاوزها الإنسان لسهلت عليه بقية العقبات في طريقه نحو التكامل والرقي والسمو.
وثمّة مَن يكون متذبذباً في الأمانة (بين أن يؤدي أو يخون)، وهكذا إنسان غالباً ما تصرعه وساوس الشيطان وترميه في جانب الخيانة... أمّا اُولئك الصادقون في إيمانهم فهم الاُمناء حقّاً في الرعاية والإهتمام لأداء الحقوق الواجبة والمستحبة للآخرين، ولا تراهم يتهاونون بأدنى درجات التهاون، ومثلهم هو الذي يتمكن من صعود سُلم الرفعة والسمو على طريق الإيمان والتقوى.
والخلاصة: من تجاوز اختبار المال بنجاح، فهو أهلٌ للإعتماد، ومن أهل التقوى والورع، وهو خير أخ وصديق، وغالباً ما تراه صالحاً في كافة مجالات حياته والمجتمع.
ولذلك، نرى الاختبارات هنا دارت حول محور المال.
﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ كثيرا شديدا وقرىء بالياء في الأفعال الأربعة.