وبعد أن ينتهي مرحلة القيامة الاُولى (مرحلة الدمار)، تأتي المرحلة الثّانية، حيث يعود النّاس ثانية للحياة ليحضروا في ساحة العدل الالهي: (وجاء ربّك والملك صفاً صفاً).
نعم، فسيقف الجميع في ذلك المحشر لإجراء الأمر الالهي وتحقيق العدالة الربّانية، وقد بيّنت لنا الآيات ما لعظمة ذلك اليوم، وكيف أنّ الإنسان لا سبيل له حينها إلاّ الرضوخ التام بين قبضة العدل الالهي. (وجاء ربُّك) : كناية عن حضور الأمر الالهي لمحاسبة الخلائق، أو أنّ المراد: ظهور آيات عظمة اللّه سبحانه وتعالى، أو ظهور معرفة اللّه عزّوجلّ في ذلك اليوم، بشكل بحيث لا يمكن لأيّ كان إنكاره، وكأنّ الجميع ينظرون إليه باُم أعينهم.
وبلا شك، إنّ حضور اللّه بمعناه الحقيقي المستلزم للتجسيم والتحديد بالمكان، هذا المعنى ليس هو المراد، لأنّ سبحانه وتعالى مبرّأ من الجسمية وخواص الجسمية (1).
وقد ورد هذا المعنى في كلام للإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) (2).
كما وتؤيد الآية (33) من سورة النحل هذا التّفسير بقولها: (هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربّك). (صفّاً صفّاً) : إشارة إلى ورود الملائكة عرصة يوم القيامة على هيئة صفوف، ويحتمل تعلق الصفوف بكلّ السماوات.
﴿وَجَاء رَبُّكَ﴾ أمره أو قهره أو آيات قدرته ﴿وَالْمَلَكُ﴾ الملائكة ﴿صَفًّا صَفًّا﴾ مصطفين صفوفا مرتبة.