سبب النّزول:
روي عن ابن عباس قال: احتبس الوحي عن رسول اللّه (ص) خمسة عشر يوماً، فقال المشركون إنّ محمّداً قد ودعه ربّه وقلاه، ولو كان أمره من اللّه تعالى لتتابع عليه، فنزلت السّورة وروي أنّه لمّا نزلت السّورة قال النّبي (ص) لجبرائيل (ع) : "ما جئت حتى اشتقت إليك، فقال جبرائيل: وأنا كنت أشدّ إليك شوقاً ولكنّي عبد مأمور وما نتنزل إلاّ بأمر ربّك"0
وقيل: سألت اليهود رسول اللّه عن ذي القرنين وأصحاب الكهف وعن الروح، فقال: سأخبركم غداً، ولم يقل إن شاء اللّه، فاحتبس عنه الوحي هذه الأيّام، فاغتم لشماتة الأعداء فنزلت السّورة تسلية لقلبه، (ونستبعد هذه الرّواية لأنّ اتصال اليهود بالنّبي وطرحهم الأسئلة عليه كان في المدينة لا في مكّة عادة).
وقيل: إنّ المسلمين قالوا ما ينزل عليك الوحي يا رسول اللّه.
فقال: وكيف ينزل عليَّ الوحي وأنتم لا تنقون براجمكم (هي عقد الأصابع يجتمع فيها الوسخ) ولا تقلمون أظفاركم) (1).
واختلفت الرّوايات في مدّة انقطاع الوحي، قيل اثنا عشر يوماً، وقيل خمسة عشر، وقيل تسعة عشر، وقيل خمسة وعشرون، وقيل أيضاً أربعون.
وفي رواية إنّها ليلتان أو ثلاث.
التّفسير:
يعطيك فترضى:
في بداية السّورة المباركة قسمان: الأوّل بالنّور، والثّاني بالظلمة، ويقول سبحانه:
(والضحى) وهو قسم بالنهار - حين تغمر شمسه كلّ مكان. (والليل إذا سجى) أي إذا عمّت سكينته كلّ مكان.
"الضحى" يعني أوائل النهار، أي حين يرتفع قرص الشمس في كبد السماء، ويعم نورها الأرض، وهو في الحقيقة أفضل ساعات النهار، لأنّه - على حدّ تعبير بعضهم - شباب النهار، وفيه لا يكون الجوّ حاراً في فصل الصيف، ويكون الدفء قد عمّ في فصل الشتاء وتصبح خلاله روح الإنسان مستعدة لممارسة النشاط.
﴿وَالضُّحَى﴾ أي صدر النهار أو كله.