ولمزيد من وصف هذه الليلة تقول الآية التالية: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر).
و"تنزل" فعل مضارع يدل على الإستمرار (والأصل تتنزل) ممّا يدل على أنّ ليلة القدر لم تكن خاصّة بزمن النّبي الاكرم (ص)، وبنزول القرآن، بل هي ليلة تتكرر في كل عام باستمرار.
وما المقصود بـ "الروح"؟ قيل: إنّه جبرائيل الأمين، ويسمّى أيضاً الروح الأمين.
وقيل: إنّ الروح بمعنى الوحي بقرينة قوله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا) (4).
وللروح تفسير آخر يبدو أنّه أقرب، هو أنّ الروح مخلوق عظيم يفوق الملائكة.
وروي أنّ الإمام الصادق (ع) سئل عن الروح وهل هو جبرائيل، قال: "جبرائيل من الملائكة، والروح أعظم من الملائكة، أليس أنّ اللّه عزّوجلّ يقول: تنزل الملائكة والروح"؟ (5)
فالإثنان متفاوتان بقرينة المقابلة.
وذكرت تفاسير اُخرى للروح هنا نعرض عنها لإفتقادها الدليل. (من كلّ أمر) أي لكل تقدير وتعيين للمصائر، ولكل خير وبركة.
فالهدف من نزول الملائكة في هذه الليلة إذن هو لهذه الاُمور.
أو بمعنى بكل خير وتقدير، فالملائكة تنزل في ليلة القدر ومعها كل هذه الاُمور (6).
وقيل: المقصود أنّ الملائكة تنزل بأمر اللّه، لكن المعنى الأوّل أنسب.
عبارة "ربّهم" تركز على معنى الربوبية وتدبير العالم، وتتناسب مع عمل الملائكة في تلك الليلة حيث تنزل لتدبير الاُمور وتقديرها، وبذلك يكون عملها جزء من ربوبية الخالق.
(تنزل ﴾ تتنزل ﴿الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾ جبرئيل أو خلق أعظم من الملائكة ﴿فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم﴾ بأمره في كل سنة إلى النبي وبعده إلى أوصيائه ﴿مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ بكل أمر قدر في تلك السنة أو من أجله.