لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
سبب النزول لقد ذكرت الرّوايات والتفاسير الإِسلامية أسباب عدة لنزول هذه الآية، وكلها تتشابه مع بعضها الآخر، ومن ذلك أنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حين عاد من واقعة خيبر بعث أسامة بن زيد مع جمع من المسلمين إِلى يهود كانوا يسكنون في قرية فدك، من أجل دعوتهم إِلى الإِسلام أو الإِذعان لشروط الذمّة، مرداس اليهودي، وهو أحد الذين عرفوا بقدوم جيش الإِسلام وكان قد أخذ أمواله وأولاده ولجأ بهم إِلى أحد الجبال، هبّ لاستقبال المسلمين وهو يشهد بوحدانية الله ورسالة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد ظن أسامة بن زيد أن هذا اليهودي يتظاهر بالإِسلام خوفاً على نفسه وحفظاً لماله وأنه لا يبطن الإِسلام في الحقيقة فعمد أُسامة إِلى قتل هذا اليهودي واستولى على أغنامه، وما أن وصل نبأ هذه الواقعة إِلى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تأثر تأثراً شديداً منها وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) ما معناه إن أُسامة لم يكن ليعرف ما في نفس هذا الإِنسان فلعله كان قد أسلم حقيقة. عند ذلك نزلت الآية المذكورة فحذرت المسلمين من أن تكون الغنائم الحربية أو أمثالها سبباً في رفض إِسلام من يظهر الإِسلام، مؤكدة ضرورة قبول إِسلام مثل هذا الإِنسان. التّفسير بعد أن وردت التأكيدات اللازمة - في الآيات السابقة - فيما يخص حماية أرواح الأبرياء، ورد في هذه الآية أمر احترازي يدعو إِلى حماية أرواح الأبرياء الذين قديعرضون إِلى الإِتهام من قِبل الآخرين، إِذ تقول: (يا أيّها الذين آمنوا إِذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إِليكم السلام لست مؤمناً...). تأمر هذه الآية المسلمين أن يستقبلوا - بكل رحابة صدر - أُولئك الذين يظهرون الإِسلام وأن يتجنبوا إِساءة الظن بإِيمان أو إِسلام هؤلاء، وتؤكد الآية بعد ذلك محذرة وناهية عن أن تكون نعم الدنيا الزائلة سبباً في إتهام أفراد أظهروا الإِسلام، أو قتلهم على أنّهم من الأعداء والإِستيلاء على أموالهم، إِذ تقول الآية: (...تبتغون عرض الحياة الدنيا...)(1). وتؤكّد على أنّ النعم الخالدة القيمة هي عند الله بقوله: (...فعند الله مغانم كثيرة). وتشير الآية أيضاً إِلى حروب الجاهلية التي كانت تنشب بدوافع مادية مثل السلب والنهب فتقول: (...كذلك كنتم من قبل...)(2) وتضيفـمخاطبة المسلمينـ أنّهم في ظل الإِسلام ولطف الله وكرمه وفضله قد نجوا من ذلك الوضع السيء مؤكّدة أنّ شكر هذه النعمة الكبيرة يستلزم منهم التحقق والتثبيت من الأُمور، إِذ تقول الآية: (...فمن الله عليكم فتبيّنوا إنّ الله كان بما تعملون خبيراً). الجهاد الإِسلامي نفي من البعد المادي: توضح الآية السالفة هذه الحقيقة بصورة جلية، وهي أنّ أي مسلم يجب أن لا يتقدم إِلى ساحة الجهاد بأهداف مادية، ولذلك عليه أن يقبل - منذ الوهلة الأُولىـمن العدو إِظهاره للإِيمان ويلبي نداءه للصلح والسلام، حتى لو حرم المسلم بقبوله إِيمان العدو الكثير من الغنائم المادية، والسبب في ذلك أن هدف الجهاد في الإِسلام ليس التوسع ولا الإِستيلاء على الغنائم المادية، بل الهدف من الجهاد الإِسلامي هو تحرير البشر من قيود العبودية لغير الله، سواء كان هذا الغير هم الطغاة الجبابرة، أو كانت العبودية للمال وللثروة والجاه، ويجب على كل مسلم أن يسعى إِلى هذه الحقيقة كلما برقت له بارقة أمل صوبها. وتذكّر الآية الكريمة المسلمين بعهدهم في الجاهلية، حيث كانوا يحملون الأفكار المادية الدنيئة قبل إِسلامهم، فكانوا يتسببون في إِراقة سيول من الدماء لأسباب مادية محضة، وقد نجوا اليوم بفضل إِسلامهم وإِيمانهم من تلك الحروب وتغير أُسلوب حياتهم. كما تشير الآية إِلى حقيقة أُخرى، وهي أنّ المسلمين ساعة إِظهارهم الإِسلام لم يكن أحد ليعرف حقيقة هذا الإِظهار أو حقيقة ما ينويه المظهر للإِسلام، وتؤكد لهم ضرورة أن يطبقوا ما كانوا هم عليه عند إِسلامهم على من يظهر الإِسلام أمامهم من الأعداء. سؤال: قد يطرأ على الذهن سؤال، وهو لو أنّ الإِسلام قبل دعوى كل من يتظاهر بالإِسلام منذ الوهلة الأُولى دون التحقيق من حقيقة هذه الدعوى، لأصبح ذلك سبباً في إِيجاد أرضية النفاق وظهور المنافقين في المحيط الإِسلامي، وبهذا الأُسلوب يمكن للكثير من الأعداء إِساءة استغلال هذه الظاهرة والتستر في ظل الإِسلام، ومن خلال ذلك القيام بأعمال عدائية ضد الإِسلام؟ الجواب: من الممكن القول أن ليس هناك قانون في العالم لا يمكن إِساءة استغلاله أبداً، بل المهم في القانون هو أن يحوي في أغلب جوانبه النفع للعموم، لو رفضناـمنذ الوهلة الأُولى - إِسلام من يظهر الإِسلام من الأعداء وغيرهم لمجرّد عدم معرفتنا بسريرة هذا الذي يظهر الإِسلام، لأدى رفضنا في كثير من الحالات إِلى مفاسد لا تحمد عقباها، بل ستكون أكثر ضرراً على الإِسلام، إِذ أنّها تعني سحق المبادىء والعواطف الإِنسانية، ويكون - هذا الرفض - عند ذلك وسيلة بيد كل من يضمر العداء لصاحبه ليتهمه بأنّ إِظهاره للإِسلام لم يكن إِظهاراً حقيقياً مخلصاً أو مطابقاً لما في سريرته، وبهذه الصورة من الممكن أن تراق دماء كثيرة لأناس أبرياء. وفوق كل ذلك فإِنّ الكثيرين لدى بدء كل دعوة ممن تكون توجهاتهم لهذه الدّعوة بسيطة وشكيلة وظاهرية، ولكنهم بمرور الزمان وإِتصالهم الدائم بتلك الدّعوة - تتجذر في نفوسهم مبادىء الدعوة وتتأصل وتتعزز، لذلك لا يمكن القبول برفض مثل هؤلاء الضعيفي الصلة بالدّعوة. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ سافرتم للجهاد في سبيله ﴿فَتَبَيَّنُواْ﴾ وقرىء فتثبتوا أي اطلبوا بيان الأمر أو ثباته ولا تعجلوا فيه ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ﴾ حياكم بتحية الإسلام أو استسلم كقراءة السلم بحذف الألف ﴿لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ مقول القول أي قلت ذلك تقية فتقتلونه ﴿تَبْتَغُونَ﴾ بذلك ﴿عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ حطامها النافد ﴿فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾ تغنيكم عنها ﴿كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ﴾ كفارا ﴿فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ﴾ بأن جعلكم في زمرة المسلمين ﴿فَتَبَيَّنُواْ﴾ كرر تأكيدا ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ فاحتاطوا في القتل وغيره قيل غزت سرية للنبي أهل فدك فهربوا وبقي مرداس لإسلامه وانحاز بغنمه إلى جبل فتلاحقوا فنزل وقال السلام عليكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فقتله أسامة واستاق غنمه فنزلت.