والتّفسير الأوّل أصح وأنسب، (يومئذ يصدر النّاس أشتاتاً ليروا أعمالهم).
"أشتات" جمع "شتّ" - على وزن شط - وهو المتفرق والمبعثر.
أي إنّ النّاس يردون ساحة المحشر متفرقين مبعثرين.
وقد يكون التفرق والتبعثر لورود أهل كلّ دين منفصلين عن الآخرين.
أو قد يكون لورود أهل كلّ نقطة من نقاط الأرض بشكل منفصل.
أو قد يكون لورود جماعة بأشكال جميلة مستبشرة، وجماعة بوجوه عبوسة مكفهرة إلى المحشر.
أو إن كلّ اُمّة ترد مع إمامها وقائدها كما في قوله تعالى: (يوم تدعوا كلّ اُناس بإمامهم). (11)
أو أنّ يحشر المؤمنون مع المؤمنين والكافرون مع الكافرين.
الجمع بين هذه التفاسير ممكن تماماً لأنّ مفهوم الآية واسع.
"يصدر" من الصدور، وهو خروج الإبل من بركة الماء مجتمعة هائجة وعكسه الورود.
وهي هنا كناية عن خروج الأقوام من القبور وورودهم على المحشر للحساب.
ويحتمل أيضاً أن يكون صدور النّاس في الآية من المحشر والتوجه نحو مستقرهم في الجنّة أو النّار.
المعنى الأوّل أكثر تناسباً مع الآيات السابقة.
المقصود من عبارة (ليروا أعمالهم) هل هو: ليروا جزاء أعمالهم.
أو ليروا صحيفة أعمالهم وما سجل فيها من حسنات وسيئات أو المشاهدة الباطنية، بمعنى المعرفة بكيفية الأعمال.
أو أنّها تعني "تجسم الأعمال" ورؤية الأعمال نفسها؟!
التّفسير الأخير أنسب مع ظاهر الآية.
وهذه الآية أوضح الآيات الدالة على تجسم الأعمال.
حيث تتخذ الأعمال في ذلك اليوم أشكالاً تتناسب مع طبيعتها وتنتصب أمام صاحبها.
وتكون رفقتها سروراً وانشراحاً أو عذاباً وبلاءً.
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ﴾ من مخارجهم من قبورهم إلى الموقف ﴿أَشْتَاتًا﴾ متفرقين في أحوالهم أو يصدرون من الموقف متفرقين إلى منازلهم من جنة أو نار ﴿لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ جزاءها.