فثمّة أفراد ليسوا بقليلين من امتزج الشكر والعطاء بدمائهم، ورفضوا البخل والكفران، واستطاعوا بفضل الإِيمان بالله أن يتحرروا من الذاتية والأهواء الدنيئة ويحلقوا في أجواء معرفة اسماء الله وصفاته والتخلق بالأخلاق الإِلهية. (وإنّه على ذلك لشهيد).
فهو بصير بنفسه، وأن استطاع أن يخفي سريرته فلا يستطيع أن يخفيها عن الله وعن ضميره، اعتراف بهذه الحقيقة أم لم يعترف.
قيل: إن الضمير في (إنّه) يعود إلى الله، أي إن الله شهيد على وجود صفة الكنود في الإِنسان.
ولكن الآيات السابقة واللاحقة تحمل ضمائر تعود على الإِنسان.
وبذا نستبعد هذا الإِحتمال، وإن رجحه كثير من المفسّرين.
واحتمل بعضهم أن يكون المعنى شهادة الإِنسان على عيوبه وذنوبه يوم القيامة كما ورد في مواضع متعددة من القرآن.
وهذا التّفسير لا يقوم على دليل، لأنّ مفهوم الآية واسع يشغل شهادة الإنسان على كنوده في هذه الدنيا أيضاً.
صحيح أن الإِنسان يعجز أحياناً عن معرفة نفسه، وبذلك يخدع ضميره، وتصبح الصفات الذميمة - بتسويل الشيطان وتزيينه - حسنة ممدوحة لديه.
﴿وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ﴾ على كنوده ﴿لَشَهِيدٌ﴾ على نفسه بصنعه أو الهاء لله.