ولذلك وجدت في الإسلام خطراً على مصالحها لدعوته إلى تحرير الإنسان، وشنت عليه حرباً لا هوادة فيها، إلى أن اندحرت أمام قدرة الإسلام. (إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) (2).
مكّة تقع في واد غير ذي زرع، والرعي فيها قليل، لذلك كانت عائدات أهل مكّة غالباً من قوافل التجارة، في فصل الشتاء يتجهون إلى أرض اليمن في الجنوب حيث الهواء معتدل، وفي فصل الصيف إلى أرض الشام في الشمال حيث الجوّ لطيف.
والشام واليمن كانا من مراكز التجارة آنئذ، ومكّة والمدينة حلقتا اتصال بينهما.
هذه هي رحلة الشتاء... ورحلة الصيف.
والمقصود بـ "إيلافهم" في الآية أعلاه قد يكون جعلهم يألفون الأرض المقدّسة خلال رحلاتهم وينشدّون إليها لما فيها من آمن، كي لا تغريهم أرض اليمن والشام، فيسكنون فيها ويهجرون مكّة.
وقد يكون المقصود إيجاد الألفة بينهم وبين سائر القبائل طوال مدّة الرحلتين، لأنّ النّاس بدأوا ينظرون إلى قوافل قريش باحترام ويعيرونها أهمية خاصّة بعد قصّة اندحار جيش أبرهة.
قريش لم تكن طبعاً مستحقة لكل هذا اللطف الإلهي لما كانت تقترفه من آثام، لكن اللّه لطف بهم لما كان مقدّراً للإسلام والنّبي الأكرم (ص) أن يظهرا من هذه القبيلة وتلك الأرض المقدّسة.
﴿إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ﴾ بدل من الأول أي إيلافهم في رحلتهم في الشتاء إلى اليمن ورحلتهم في الصيف إلى الشام في كل سنة يمتارون ويتجرون لم يتعرضهم أحد.