لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
(ومن شرّ حاسد إذا حسد). هذه الآية تبيّن أنّ الحسد أسوأ الصفات الرذيلة وأحطها، لأنّ القرآن وضعه في مستوى أعمال الحيوانات المتوحشة والثعابين اللاسعة والشياطين الماكرة. بحوث 1 - أخطر مصادر الشرّ والفساد السّورة تبدأ بأمر النّبي (ص) أن يستعيذ باللّه من شرّ ما خلق. ثمّ تبيّن ثلاثة أنواع من الشرور كتوضيح للآية: شرّ المهاجمين القساة الذين يتسترون بالليل لشن هجومهم. وشرّ الموسوسين الذين يوهنون بأحابيلهم إرادة الأفراد وإيمانهم وعقيدتهم وأواصر الحبّ والودّ بينهم. وشرّ الحاسدين. من هذه العبارات المجملة نستطيع أن نستنتج أن أخطر مصادر الشرّ والفساد هي هذه الثلاثة المذكورة في السّورة. وهذا يستدعي التأمل والتعمق. 2 - تناسب الآيات يلاحظ أنّ أوّل آية في السّورة تأمر النّبي (ص) أن يستعيذ بربّ الفلق، من شرّ ما خلق. وانتخاب "ربّ الفلق" قد يعود إلى أنّ الموجودات الشريرة تطفيء نور السلامة والهداية. لكن اللّه سبحانه ربّ الفلق... ربّ فلق الظلمات. 3 - تأثير السحر في تفسير الآيتين 102 و 103 من سورة البقرة، في الجزء الأوّل من هذا التّفسير تحدثنا بالتفصيل عن حقيقة السحر في الازمنة الغابرة، ورأي الإسلام في السحر، وكيفية تأثيره. وهناك ذكرنا قبولنا لتأثير السحر بشكل عام، ولكن لا بالصورة التي يتخيلها المتخيلون والخرافيون. ومن أراد مزيداً من التوضيح في هذا المجال فليراجع بحثنا المذكور. ومن اللازم أن نذكر هنا أنّ آيات هذه السّورة لو كانت تستهدف أمر النّبي بالاستعاذة من سحر الساحرين، فهذا لا يعني أن النّبي تعرض لتأثير السحر. بل إنّها تشبه استعاذة النّبي باللّه من كلّ خطأ وذنب. أي إنّه مصون من هذه العوارض بلطف اللّه وفضله، ولولا فضله لما سلم من تأثير السحر هذا من جهة. ومن جهة اُخرى، لا يوجد دليل كما قلنا على أن معنى، (النفاثات في العقد) هو السحرة أو الساحرات. 4 - شرّ الحاسدين "الحسد" خصلة سيئة شيطانية تظهر في الإنسان نتيجة عوامل مختلفة مثل: ضعف الإيمان، وضيق النظر، والبخل. وهو يعني طلب وتمنّي زوال النعمة من شخص آخر. الحسد منبع كثير من الذنوب الكبيرة. عن الإمام محمّد بن علي الباقر (ع) قال: "إنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب" (1). وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع) قال: "أفة الدين الحسد والعجب والفخر" (2). ذلك لأن الحسود يعترض في الواقع على حكمة اللّه وعلى ما آت اللّه من نعمة لهذا الفرد أو ذاك. كما يقول سبحانه: (أم يحسدون النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله) (3). وقد يبلغ الحسد بالحاسد إلى أن يوقع نفسه في كلّ تهلكة من أجل زوال النعمة من الشخص المحسود، كما هو معروف في حوادث التاريخ. وفي ذم الحسد يكفي أن أوّل قتل حدث في العالم كان من قابيل على أثر حسده لأخيه هابيل. "الحساد" كانوا دوماً عقبة على طريق الأنبياء والأولياء. ولذلك يأمر اللّه نبيّه أن يستعيذ بربّ الفلق من شرّ حاسد إذا حسد. المخاطب في هذه السّورة والسّورة التالية شخص رسول اللّه (ص)، ولكنّه خوطب لأنّه القدوة والنموذج، وكلّ المسلمين يجب أن يستعيذوا باللّه من شرّ الحاسدين. اللّهمّ! إنّا نعوذ بك من شرّ الحاسدين إلهنا! احفظنا من شرّ الوقوع في حسد الآخرين. ربّنا! استرنا بسترك من شرّ النفاثات في العقد، ومن كلّ الموسوسين المشككين في مسيرتنا إليك. آمين يا ربّ العالمين نهاية سورة الفلق ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ أظهر حسده وفعل ما يحمله عليه وتخصيص الثلاثة بعد ما يعمها وهو ما خلق لشدة شرها.