التّفسير
أضلُّ من الأَنعام:
الملفت للإنتباه أنّ القرآن المجيد لا يورد أقوال المشركين دفعة واحدة في آيات هذه السورة، بل أورد بعضاً منها، فكان يتناولها بالردّ والموعظة والإنذار، ثمّ بعد ذلك يواصل تناول بعض آخر بهذا الترتيب.
الآيات الحالية، تتناول لوناً آخر من منطق المشركين وكيفية تعاملهم مع رسول الإسلام(ص) ودعوته الحقّة.
يقول تعالى أولا: (وإذا رأوك إن يتّخذونك إلاّ هزواً أهذا الذي بعث الله رسولا).(1)
وهكذا نجد هؤلاء الكفار يتعجبون! أيَّ ادعاء عظيم يدعي؟ أي كلام عجيب يقول!؟ ... إنّها مهزلة حقّاً!
لكن يجب ألا ننسى أنّ رسول الإسلام(ص) ، كان هو ذلك الشخص الذي عاش بينهم أربعين عاماً قبل الرسالة، وكان معروفاً بالأمانة والصدق والذكاء والدراية، لكنَّ رؤوسَ الكفر تناسوا صفاته هذه حينما تعرضت منافعهم الى الخطر، وتلقوا مسألة دعوة النّبي(ص) - بالرغم من جميع تلك الشواهد والدلائل الناطقة - بالسخرية والإستهزاء حتى لقد اتّهموه بالجنون.
﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن﴾ ما ﴿يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ محل هزىء أو مهزوءا به يقولون ﴿أَهَذَا﴾ استحقارا ﴿الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ لم يقيدوه بزعمه بل أخرجوه في موضع الإقرار مع فرط إنكارهم استهزاء.