وفي الآية اللاحقة يشير القرآن الكريم إلى طلب آخر مهمّ وحسّاس لإبراهيم (ع) وأصحابه في هذا المجال، حيث يقول تعالى: (ربّنا ولا تجعلنا فتنة للذين كفروا).
من المحتمل أن يكون ما ورد في الآية إشارة إلى عمل "حاطب بن أبي بلتعة" وإحتمال صدور شبيهه من أشخاص جهلة يكونون سبباً في تقوية الظالمين، من حيث لا يشعرون، بل يتصوّرون أنّهم يعملون لمصلحة الإسلام، أو إنّ المراد في الحقيقة دعاء بأنّه لا تجعلنا نقع في قبضة الكافرين فيقولوا: أنّ هؤلاء لو كانوا على الحقّ ما غلبوا، ويؤدّي هذا التوهّم إلى ضلالهم أكثر.
وهذا يعني أنّ المسلمين ما كانوا يأبهون بالخوف من خشية على مصالحهم أو على أنفسهم; بل لكي لا يقع مبدأ الحقّ في دائرة الشكّ ويكون الإنتصار الظاهري للكفّار دليلا على حقّانيتهم وهذا هو منهج الإنسان المؤمن الراسخ في إيمانه، حيث أنّ جميع ما يقوم به ويضحّي في سبيله لا لأجل نفسه، بل لله سبحانه، فهو مرتبط به وحده، قاطع كلّ علاقة بما سواه، طالب كلّ شيء لمرضاته.
ويضيف في نهاية الآية: (واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم).
فقدرتك ياالله لا تقهر، وحكمتك نافذة في كلّ شيء.
إنّ هذه الجملة قد تكون إشارة لطلب المغفرة من الله سبحانه والعفو عن الزلل في حالة حصول الميل النفسي والحبّ والولاء لأعداء الله.
وهذا درس لكلّ المسلمين كي يقتدوا بهؤلاء.
وإذا ما وجد بينهم شخص منحرف كـ (حاطب) فليستغفروا ربّهم ولينيبوا إليه.
﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ذلك أي لا تظفرهم بنا فيفتنونا أي يعذبونا ﴿وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ﴾ في ملكك ﴿الْحَكِيمُ﴾ في صنعكم.