التّفسير
لقد بيّنت هذه الآيات الثلاث، ثلاثة أحكام كلية بعد أن تطرقت الآيات السابقة إِلى مسائل خاصّة بالخيانة والتهمة.
1 - لقد وردت في الآية (110) من الآيات الثلاث أعلاه الإِشارة أوّلاً إِلى هذه الحقيقة وهي أن باب التوبة مفتوح أمام المسيئين على كل حال، فإِذا ارتكب أحد ظلماً بحقّ نفسه أو غيره، وندم حقيقة على فعلته، أو استغفر الله لذنبه، وكفّر عن خطيئته فيجد الله غفوراً رحيماً، حيث تقول الآية: (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً).
2 - يجب الإِنتباه إِلى أنّ الآية الأُولى تشير إِلى نوعين من الذنوب، حيث جاءت فيها كلمة "سوء" وكلمة "الظلم" للنفس، ولدى النظر إِلى قرينة المقابلة، وكذلك الأصل اللغوي لعبارة "سوء" التي تعني هنا الإِضرار بالغير، يفهم من الآية أنّ أي نوع من الذنوب - سواء كانت من نوع الإِضرار بالغير، أو الإِضرار بالنفس قابلة للغفران إِذا تاب فاعلها توبة حقيقية وسعى إِلى التكفير عنها.
ويفهم - أيضاً - من العبارة القرآنية: (يجد الله غفوراً رحيماً) إنّ التوبة الحقيقية لها من الأثر بحيث يجد الإِنسان التائب نتيجتها في باطن نفسه، فمن ناحية فإنّ تأنيب الضمير الذي يخلقه إرتكاب الذّنب يزول عن المذنب التائب نظراً للغفران الذي يناله من الله الغفور، ومن جانب آخر يحسّ الإِنسان التائب بالقرب إِلى الله بسبب رحمته سبحانه وتعالى بعد أن كان يحس بالبعد عنه بسبب الذنب الذي ارتكبه.
﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا﴾ ذنبا يسوء به غيره أو صغيرة أو ما دون الشرك ﴿أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ بذنب لا يتعداه إلى غيره أو كبيرة أو الشرك ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا﴾ لذنوبه ﴿رَّحِيمًا﴾ به.