التّفسير
علم الله وقدرته المطلقة:
هاتان الآيتان تكمّلان الآيات السابقة التي قرأنا فيها أنّ الله تعالى حيٌّ وقيّوم وهو مدبّر الكون بأجمعه وسيعاقب الكافرين المعاندين (حتّى لو لم يظهروا كفرهم وعنادهم) ومن البديهي أنّ هذه الإحاطة والقدرة لتدبير العالم بحاجة إلى علم غير محدود وقدرة مطلقة، ولهذا أشارت الآية الأُولى إلى علم الله تعالى، وفي الآية الثانية إلى قدرته المطلقة.
في البداية تقول الآية الشريفة (إنّ الله لايخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء).
فكيف يمكن أن يختفي عن أنظاره شيءٌ من الأشياء في حين أنّه حاضرٌ وناظرٌ في كلّ مكان، فلا يخلو منه مكان، وبما أنّ وجوده غيرمحدود، فلا يخلو منه مكان معين، ولهذا فهو أقرب إلينا من كلّ شيء حتّى من أنفسنا، وفي نفس الوقت الذي يتنزّه فيه الله تعالى عن المكان والمحل، فإنّه محيطٌ بكل شيء، وهذه الإحاطة والحضور الإلهي بالنسبة لجميع المخلوقات بمعنى (العلم الحضوري) لا (العلم الحصولي)(1).
﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ﴾ كلي أو جزئي إيمان أو كفر كائن ﴿فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء﴾ أي في العالم فعبر عنه بهما إذ الحس لا يتجاوزهما.