(كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب).
"الدأب" إدامة السير، والعادة المستمرّة دائماً على حالة واحدة.
فهذه الآية تشبّه حال الكفّار المعاصرين لرسول الله (ص) بما كان آل فرعون قد اعتادوا عليه- وكذلك الأقوام السابقة- من تكذيب آيات الله، فأخذهم الله بذنبهم وأنزل بهم عقابه الصارم في هذه الدنيا.
هذا في الواقع إنذار للكافرين المعاندين على عهد رسول الله (ص) لكي يعتبروا بمصير الفراعنة والأقوام السالفة، ويصحّحوا أعمالهم.
صحيح أنّ الله "أرحم الراحمين" ولكنه في المواضع ومن أجل تربية عبيده "شديد العقاب" أيضاً، ولا ينبغي أن يغترّ العبيد برحمة مولاهم الواسعة أبداً.
يستفاد أيضاً من "الدأب" أنّ هذه الإتّجاه الخطأ- أي العناد إزاء الحقيقة وتكذيب آيات الله- أصبح عادة ثابتة فيهم، ولهذا يهدّدهم بعذاب شديد، وذلك لأنّه ما دام الإثم لم يصبح عادةً ونهجاً في الحياة فإنّ الرجوع عنه ميسور وعقابه خفيف، ولكنّه إذا نفذ إلى داخل أعماق الإنسان فالرجوع عنه متعذّر، والعقاب عليه شديد.
فخير للكافرين أن ينتهزوا الفرصة قبل فوات الأوان ويرجعوا عن طريق الضلال.
﴿كَدَأْبِ﴾ أي شأن هؤلاء كشأن ﴿آلِ فِرْعَوْنَ﴾ في الكفر أو النصب بتغني أو وقود أي لن تغني عنهم كما لم تغن عن أولئك أو توقد بهم كما توقد بأولئك ﴿وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ عطف على آل فرعون ﴿كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ تفسير لدأبهم أو بيان لسببه أي ﴿فَأَخَذَهُمُ اللّهُ﴾ أهلكهم ﴿بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ ترهيب للكفرة.