(يا مريم اقنتي لربّك).
هذه الآية تكملة لكلام الملائكة مع مريم.
فبعد أن بشّرها بأنّ الله قد اصطفاها، قالوا لها: الآن اشكري الله بالركوع والسجود والخضوع له اعترافاً بهذه النعمة العظمى.
نلاحظ هنا أنّ الملائكة يصدرون إلى مريم ثلاثة أوامر:
الأول: القنوت أمام الله.
والكلمة- كما سبق أن قلنا- تعني الخضوع و دوام الطاعة.
الثاني: السجود، الذي هو أيضاً دليل الخضوع الكامل أمام الله.
والثالث: الركوع، وهو أيضاً خضوع وتواضع.
أمّا القول: (واركعي مع الراكعين) فقد يكون إشارة إلى صلاة الجماعة، أو طلب إلتحاقها بجموع المصلّين الراكعين أمام الله.
أي إركعي مع عباد الله المخلصين الذين يركعون لله.
في هذه الآية، الإشارة إلى السجود تسبق الإشارة إلى الركوع، وليس معنى هذا أنّ سجودهم قبل ركوعهم في صلاتهم، بل المقصود هو أداء العبادتين دون أن يكون القصد ذكر ترتيبهما، كما لو كنّا نطلب من أحدهم أن يصلّي، وأن يتوضّأ، وأن يتطهّر، إذ يكون قصدنا أن يقوم بكلّ هذه الأُمور.
إنّ العطف بالواو لا يقتضي الترتيب.
ثمّإنّ الركوع والسجود أصلاً بمعنى التواضع والخضوع، وما حركتا الركوع والسجود المألوفان سوى بعض مصاديق ذلك.
﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي﴾ أمرت بالصلوات بذكر أركانها ﴿مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ أي في الجماعة أو مع من يركع في صلاته لا مع من لا يركع.