لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
سبب النّزول قيل نزلت الآيات في وفد نجران العاقب والسيد ومن معهما قالوا لرسول الله: هل رأيت ولداً من غير ذكر فنزلت: (إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم...) الآيات فقرأها عليهم، فلمّا دعاهم رسول الله إلى المباهلة(1) استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك، فلمّا رجعوا إلى رجالهم قال لهم الاسقف: انظروا محمّد في غد فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنّه على غير شيء. فلمّا كان الغد جاء النّبي (صلى الله عليه وآله) آخذاً بيدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن (عليه السلام)والحسين (عليه السلام) بين يديه يمشيان وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه، وخرج النصارى يتقدمهم اسقفهم. فلمّا رأى النّبي (صلى الله عليه وآله) قد أقبل بمِن معه فسأل عنهم فقيل له: هذا ابن عمّه وزوج ابنته وأحب الخلق إليه، وهذان ابنا بنته من علي وهذه الجارية بنته فاطمة أعزّ الناس عليه وأقربهم إلى قلبه، وتقدّم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجثا على ركبتيه. قال أبو حارثة الاسقف جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة. فرجع ولم يقدم على المباهلة، فقال السيد: اُذن يا أبا حارثة للمباهلة! فقال: لا. إنّي لأرى رجلاً جريئاً على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقاً ولئن كان صادقاً لم يحل والله علينا حول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء. فقال الاسقف: يا أبا القاسم! إنا لا نباهلك ولكن نصالحك فصالحنا على ما ينهض به، فصالحهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الفي حلة من حلل الاواقي قسمة كلّ حلة أربعون درهماً فما زاد أونقص فعلى حساب ذلك أو على عارية ثلاثين درعاً وثلاثين رمىً وثلاثين فرساً إن كان باليمن كيد، ورسول الله ضامن حتّى يؤديها وكتب لهم بذلك كتاباً. وروي أن الاسقف قال لهم: إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لازاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة(2). التّفسير (فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم...). بعد الآيات التي استدلّ فيها على بطلان القول بالوهية عيسى بن مريم، يأمر الله نبيّه بالمباهلة إذا جاءه من يجادله من بعد ما جاء من العلم والمعرفة. وأمره ان يقول لهم: إنّي سأدعو أبنائي، وأنتم ادعوا أبناءكم، وأدعو نسائي، وأنتم ادعوا نساءكم، وأدعو نفسي، وتدعون أنتم أنفسكم، وعندئذ ندعو الله أن ينزل لعنته على الكاذب منّا (فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين). ولا حاجة للقول بأنّ القصد من المباهلة لم يكن إحضار جمع من الناس للّعن، ثمّ ليتفرّقوا كلٌ إلى سبيله، لأنّ عملاً كهذا لن يكون له أيّ تأثير، بل كان المنتظر أن يكون لهذا الدعاء واللعن أثر مشهود عياناً فيحيق بالكاذب عذاب فوري. وبعبارة أُخرى: فإنّ المباهلة- وإن لم يكن في الآية ما يشير إلى تأثيرها- كانت بمثابة "السهم الأخير" بعد أن لم ينفع المنطق والاستدلال، فإنّ الدعاء وحده لم يكن المقصود بها، بل كان المقصود منها هو "أثرها الخارجي". بحوث 1- المباهلة دليل قاطع على أحقية نبي الإسلام: لعلّ قضية المباهلة بهذا الشكل لم تكن معروفة عند العرب، بل كانت أُسلوباً يبيّن صدق النبيّ وإيمانه بشكل قاطع. إذ كيف يمكن لمن لا يؤمن كلّ الإيمان بعلاقته بالله أن يدخل هذا الميدان، فيطلب من معارضيه ان يتقدّموا معه إلى الله يدعونه أن ينزل لعناته على الكاذب، وأن يروا سرعة ما يحلّ بالكاذب من عقاب؟! لاشكّ أنّ دخول هذا الميدان خطر جدّاً، لأن المبتهل إذا لم يجد استجابة لدعائه ولم يظهر أيّ أثر لعقاب الله على معارضيه، فلن تكون النتيجة سوى فضيحة المبتهل. فكيف يمكن لإنسان عاقل ومدرك أن يخطو مثل هذه الخطوة دون أن يكون مطمئناً إلى أنّ النتيجة في صالحه؟ لهذا قيل إنّ دعوة رسول الله (ص) إلى المباهلة تعتبر واحداً من الأدلّة على صدق دعوته وإيمانه الراسخ بها، بصرف النظر عن النتائج التي كانت ستكشف عنها المباهلة. تقول الروايات الإسلامية: عند عرض هذا الإقتراح للمباهلة، طلب ممثّلو مسيحيّي نجران من رسول الله أن يمهلهم بعض الوقت ليتبادلوا الرأي مع شيوخهم. فكان لهم ما أرادوا. وكانت نتيجة مشاورتهم- التي تعتمد على ناحية نفسية- هي أنّهم أمروا رجالهم بالدخول في المباهلة دون خوف إذا رأوا محمّداً قد حضر في كثير من الناس ووسط جلبة وضوضاء، إذ أنّ هذا يعني أنّه بهذا يريد بثّ الرعب والخوف في النفوس وليس في أمره حقيقة. أمّا إذا رأوه قادماً في بضعة أنفار من أهله وصغار أطفاله إلى الموعد، فليعلموا أنّه نبيّ الله حقّاً، وليتجنّبوا مباهلته. وقد حضر المسيحيّون إلى المكان المعيّن، ثمّ رأوا أنّ رسول الله (ص) أقبل يحمل الحسين على يد ويمسك الحسن باليد الأُخرى ومن خلفه علي وفاطمة، وهو يطلب منهم أن يؤمّنوا على دعائه عند المباهلة. وإذ رأى المسيحيّون هذا المشهد استولى عليهم الفزع، ورفضوا الدخول في المباهلة، وقبلوا التعامل معه بشروط أهل الذمّة. 2- أحد أدلّة عظمة أهل البيت: يصرّح المفسّرون من الشيعة والسنّة أنّ آية المباهلة قد نزلت بحقّ أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ الذين اصطحبهم النبيّ (ص) معه للمباهلة بهم هم: الحسن والحسين وفاطمة وعلي (عليهم السلام). وعليه، فإنّ "أبناءنا" الواردة في الآية ينحصر مفهومها في الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومفهوم "نساءنا" ينحصر في فاطمة (عليها السلام)، ومفهوم "أنفسنا" ينحصر في علي (عليه السلام). وهناك أحاديث كثيرة بهذا الخصوص. حاول بعض أهل السنّة أن ينكر وجود أحاديث في هذا الموضوع، فصاحب تفسير المنار يقول في تفسير الآية: الروايات متّفقة على أنّ النبيّ (ص) إختار للمباهلة عليّاً وفاطمة وولديهما ويحملون كلمة "نساءنا" على فاطمة وكلمة "أنفسنا" على عليّ فقط، ومصادر هذه الروايات شيعية، ومقصدهم منها معروف، وقد اجتهدوا في ترويجها ما استطاعوا حتّى راجت على كثير من أهل السنّة. ولكن بالرجوع إلى مصادر أهل السنّه الأصلية يتّضح أنّ الكثير من تلك الطرق لا تنتهي بالشيعة وبكتب الشيعة، وإنكار هذه الأحاديث الواردة بطريق أهل السنّة، يسقط سائر أحاديثهم وكتبهم من الإعتبار. لكي نلقي الضوء على هذه الحقيقة، نورد هنا بعضاً من رواياتهم ومصادرها: القاضي نور الله الشوشتري في المجلّد الثالث من كتابه النفيس "إحقاق الحقّ"، الطبعة الجديدة، ص 46، يتحدّث عن إتّفاق المفسّرين في أنّ "أبناءنا" في هذه الآية إشارة إلى الحسن والحسين، و"نساءنا" إشارة إلى فاطمة، و"أنفسنا" إشارة إلى عليّ (عليه السلام). ثمّ يشير في هامش الكتاب إلى نحو ستّين من كبار أهل السنّة من الذين قالوا إنّ آية المباهلة نزلت في أهل البيت، ويذكر أسماء هؤلاء العلماء بالتفصيل في الصفحات 46- 76. ومن المشاهير الذين نقل عنهم هذا التصريح: 1- مسلم بن الحجاج النيسابوري، صاحب أحد الصحاح الستة المعروفة التي يعتمدها أهل السنّة. المجلّد 7 ص 120 (طبعة محمّد علي صبيح- مصر). 2- أحمد بن حنبل في كتابه "المسند" ج 1 ص 185 (طبعة مصر). 3- الطبري في تفسيره المعروف: ج 3 ص 192 (المطبعة الميمنية- مصر). 4- الحاكم في كتابه "المستدرك" ج 3 ص 150 (طبعة حيدر آباد الدكن). 5- الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتابه "دلائل النبوة" ص 297 (طبعة حيدر آباد). 6- الواحديّ النيسابوري في كتابه "أسباب النزول" ص 74 (المطبعة الهنديةـ مصر). 7- الفخر الرازي في تفسيره المعروف، ج 8 ص 85 (المطبعة البهية- مصر). 8- ابن الأثير في كتابه "جامع الأُصول" ج 9 ص 470 (مطبعة السنّة المحمدية- مصر). 9- ابن الجوزي في كتابه "تذكرة الخواص" ص 17 (طبعة النجف). 10- القاضي البيضاوي في تفسيره ج 2 ص 22 (مطبعة مصطفى محمّد- مصر). 11- الآلوسي في تفسيره "روح المعاني" ج 3 ص 167 (المطبعة المنيرية- مصر). 12- الطنطاوي في تفسيره المعروف "الجواهر" ج 2 ص 120 (مطبعة مصطفى البابي الحلبي- مصر). 13- الزمخشري في تفسيره "الكشّاف" ج 1 ص 193 (مطبعة مصطفى محمّد). 14- الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في كتابه "الإصابة" ج 2 ص 503 (مطبعة مصطفى محمّد). 15- ابن الصبّاغ في كتابه "الفصول المهمّة" ص 108 (طبعة النجف). 16- العلاّمة القرطبي في كتابه "الجامع لأحكام القرآن" ج 3 ص 104 (طبعة مصر سنة 1936). جاء في كتاب "غاية المرام" عن صحيح مسلم في باب (فضائل علي بن أبي طالب) أنّ معاوية قال يوماً لسعد بن أبي وقاص: لِمَ لا تسبّ أبا تراب (علي(عليه السلام))!؟ فقال: "تركت سبّه منذ أن تذكرت الأشياء الثلاثة التي قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في حقّ علي (عليه السلام) (وأحدها) عندما نزلت آية المباهلة لم يدع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)سوى فاطمة والحسن والحسين وعلي، وقال: اللهمّ هؤلاء أهلي. صاحب "الكشّاف" وهو من كبار علماء أهل السنّة، يذهب إلى أنّ هذه الآية أقوى دليل على فضيلة أهل الكساء. يتّفق المفسّرون والمحدّثون والمؤرّخون الشيعة أيضاً أنّ هذه الآية قد نزلت في أهل البيت، وقد أورد صاحب تفسير "نور الثقلين" روايات كثيرة بهذا الشأن. من ذلك أيضاً ما جاء في كتاب "عيون أخبار الرضا" عن المجلس الذي عقده المأمون في قصره للبحث العلمي. وجاء فيه عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله:... ميّز الله الطاهرين من خلقه، فأمر نبيّه (ص) بالمباهلة بهم في آية الإبتهال. فقال عزّوجلّ: يا محمّد (فمنّ حاجّك فيه..." الآية. فأبرز النبيّ (ص) عليّاً والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم... وقال(عليه السلام): فهذه خصوصية لا يتقدّمهم فيها أحد، وفضل لايلحقهم فيه بشر، وشرف لا يسبقهم إليه خلق(3). كذلك وردت روايات بهذا المضمون في تفسير البرهان وبحار الأنوار وتفسير العيّاشي، وكلّها تقول إنّ الآية قد نزلت في أهل البيت. 3- اعتراض وجوابه: هنا اعتراض مشهور أورده الفخر الرازي وآخرون على نزول هذه الآية في أهل البيت. يقول هؤلاء: كيف يمكن أن نعتبر أنّ القصد من "أبناءنا" هو الحسن والحسين (عليهما السلام) مع أنّ "أبناء" جمع و لا تطلق على الاثنين؟ وكذلك "نساءنا" جمع، فكيف تطلق على سيّدة الإسلام فاطمة (عليها السلام) وحدها؟ وإذا كان القصد من "أنفسنا" عليّاً (عليه السلام) وحده فلماذا جاء بصيغة الجمع؟ الجواب أوّلاً: كما سبق أن شرحنا بإسهاب، أنّ هناك أحاديث كثيرة في كثير من المصادر الإسلامية الموثوق بها- شيعية وسنّية- تؤكّد نزول هذه الآية في أهل البيت، وهي كلّها تقول إنّ النبيّ (ص) لم يدع للمباهلة غير علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، هذا بذاته قرينة واضحة لتفسير الآية، إذ أنّ من القرائن التي تساعد على تفسير القرآن هي السنّة وما ثبت من أسباب النزول. وعليه، فإنّ الإعتراض المذكور ليس موجّهاً للشيعة فقط، بل أنّ على جميع علماء الإسلام أن يجيبوا عليه، بموجب ما ذكرناه آنفاً. ثانياً: إطلاق صيغة الجمع على المفرد أو المثنى ليس أمراً جديداً فهو كثير الورود في القرآن وفي غير القرآن من الأدب العربي، وحتى غير العربي. من ذلك مثلاً أنّه عند وضع قانون، أو إعداد إتّفاقية، تستعمل صيغة الجمع على وجه العموم. فمثلاً، قد يقال في إتّفاقية: إنّ المسؤولين عن تنفيذها هم الموقّعون عليها وأبناؤهم. في الوقت الذي يمكن أن يكون لأحد الأطراف ولد واحد أو اثنين. فلا يكون في هذا أيّ تعارض مع تنظيم الإتّفاقية بصيغة الجمع. وذلك لأنّ هناك مرحلتين، مرحلة "الإتفاق" ومرحلة "التنفيذ". ففي المرحلة الأُولى قد تأتي الألفاظ بصيغة الجمع لكي تنطبق على جميع الحالات. ولكن في مرحلة التنفيذ قد تنحصر الحالة في فرد واحد، وهذا لا يتنافى مع عمومية المسألة. وبعبارة أُخرى: كان على رسول الله (ص) بموجب إتفاقه مع مسيحيّي نجران، أن يدعو للمباهلة جميع أبنائه وخاصّة نسائه وجميع من كانوا بمثابة نفسه. إلاَّ أنّ مصداق الإتّفاق لم ينطبق إلاَّ على ابنين وامرأة ورجل (فتأمّل!). في القرآن مواضع متعدّدة ترد فيها العبارة بصيغة الجمع، إلاَّ أنّ مصداقها لا ينطبق إلاَّ على فرد واحد. فمثلاً نقرأ: (الذين قال لهم الناسُ إنّ الناسَ قد جمعوا لكم فاخشَوهم)(4) المقصود من "الناس" في هذه الآية هو "نعيم بن مسعود" حسب قول فريق من المفسّرين، لأنّ هذا كان قد أخذ أموالاً من أبي سفيان في مقابل إخافة المسلمين من قوّة المشركين. وأيضاً نقرأ: (لقد سمع الله قولَ الذين قالوا إنّ الله فقير ونحن أغنياء)(5). فهنا المقصود بـ "الذين" في هذه الآية، على رأي كثير من المفسّرين، هو "حي بن أخطب" أو "فنحاص". وقد يطلق الجمع على المفرد للتكريم، كما جاء عن إبراهيم: (إنّ إبراهيم كان أُمّة قانتاً لله)(6). فهنا أُطلقت كلمة "أُمّة" وهي اسم جمع، على مفرد. 4- كما أنّ آية المباهلة تفيد بأنّ أبناء البنت يعتبرون أبناء أبيها أيضاً، بخلافما كان سائداً في الجاهلية في إعتبار أبناء الابن فقط هم أبناء الجد، إذ كانوايقولون: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا***بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد هذا اللون من التفكير كان من بقايا التقاليد الجاهلية الخاطئة التي لم تكن ترى المرأة عضواً من أعضاء المجتمع، بل كانت تنظر إليها على أنّها وعاء لنموّ الأبناء فقط، وترى أنّ النسب يلحق بالآباء لا غير. يقول شاعرهم: وإنّما أُمّهات الناس أوعية***مستودعات وللأنساب آباء غير أنّ الإسلام قضى على هذا اللون من التفكير، وساوى بين أبناء الابن وأبناء البنت. نقرأ في الآية 84 و 85 من سورة الأنعام بشأن أبناء إبراهيم: (من ذرّيته داود وسليمان وأيّوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريّا ويحيى وعيسى وإلياس كلّ من الصالحين). فالمسيح عيسى بن مريم عدّ هنا من أبناء إبراهيم مع أنّه كان ابناً من جهة البنت. الأحاديث والروايات الواردة عن طريق الشيعة والسنّة بشأن الحسن والحسين (عليهما السلام) تشير إلى كلّ منهما بـ "ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)" كراراً. وفي الآيات التي تحرّم الزواج ببعض النساء نقرأ: (وحلائل أبنائكم). يتّفق علماء الإسلام على أن الرجل يحرم عليه الزواج من زوجة ابنه وزوجة حفيده سواء أكان من جهة الابن أم البنت، باعتبار شمولهم بالآية المذكورة. 5- هل المباهلة تشريع عام؟ لا شكّ أنّ هذه الآية ليست دعوة عامّة للمسلمين للمباهلة، إذ أنّ الخطاب موجّه إلى رسول الله (ص) وحده. ولكن هذا لا يمنع من أن تكون المباهلة مع المعارضين حكماً عامّاً، وأنّ الأتقياء من المؤمنين الذين يخشون الله، لهم أن يطلبوا من الذين لم ينفع فيهم المنطق والاستدلال التقدّم للمباهلة. وتظهر عمومية هذا الحكم في بعض الروايات الإسلامية، فقد جاء في تفسير نور الثقلين، ج 1 ص 351 عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إذا كان كذلك (أي إذا لم يقبل المعاند الحقّ) فادعهم إلى المباهلة... اصلح نفسك ثلاثاً... وأبرز أنت وهو إلى الجبان (الصحراء) فشبّك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثمّ انصفه وابدأ بنفسك وقل: اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إن كان (فلاناً) جحد حقّاً وادّعى باطلاً فأنزل عليه حسباناً (بلاءً) من السماء وعذاباً أليماً. ثمّ ردّد الدعوة عليه... فإنّك لا تلبث أن ترى ذلك فيه. ويتّضح أيضاً من هذه الآية أنّه- خلافاً للحملات التي يشنّها الزاعمون أنّ الإسلام دين الرجال وليس للمرأة فيه أيّ حساب- قد ساهمت المرأة المسلمة مع الرجل خلال اللحظات الحسّاسة في تحقيق الأهداف الإسلامية ووقفت معه ضدّ الأعداء. إنّ الصفحات المشرقة التي تمثّل سيرة سيّدة الإسلام فاطمة الزهراء (عليها السلام)وابنتها السيّدة زينب الكبرى وغيرهما من نساء الإسلام اللآتي سرن على طريقهما دليل على هذه الحقيقة. ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ﴾ من النصارى ﴿فيه﴾ في عيسى ﴿مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ بأنه عبد الله ورسوله ﴿فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ﴾ أي يدعو كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ومن هو كنفسه إلى المباهلة ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ﴾ نباهل بأن نلعن الكاذب منا والبهلة بالفتح والضم اللعنة ﴿فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ دعاهم إلى الشهادتين وأن عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث فأبوا فقال فليحضر كل منا ومنكم نفسه وأعزة أهله فندعوا على الكاذب من الفريقين فقبلوا فأتى (صلى الله عليه وآله وسلّم) بأمير المؤمنين وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) فخافوا ولم يرضوا ورضوا بالجزية وانصرفوا.