والآن بعد أن تبين كذبهم وافتراؤهم على الله لعدم استجابتهم لطلب النبي باحضار التوراة، فإن عليهم أن يعرفوا بأن كلّ من افترى على الله الكذب استحق وصف الظلم، لأنه بهذا الإفتراء ظلم نفسه بتعريضها للعذاب الإلهي، وظلم غيره بتحريفه وإضلاله بما افترى، وهذا هو ما يعنيه قوله سبحانه في ختام هذه الآية (فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون).
التوراة الرائجة وتحريم بعض اللحوم:
نقرأ في الفصل(3) الحادي عشر من سفر اللاويين ضمن استعراض مفصل للحوم المحرّمة والمحلّلة: "كل ما شق ظلفاً وقسمه ظلفين ويجتر من البهائم فإياه تأكلون.
إلاَّ هذه فلا تأكلوها ممّا يجتر وممّا يشق الظلف.
الجمل لأنه يجتر لكنّه لا يشق ظلفاً فهو نجس لكم".
من هذه العبارات نفهم أن اليهود كانوا يحرمون الإبل وكل ما شق ظلفاً من البهائم، ولكن ذلك لايدلّ على أنها كانت محرمة في شريعة نوح وإبراهيم أيضاً، إذ يمكن أن يكون هذا التحريم مختصاً باليهود عقاباً لهم وتنكيلاً.
﴿فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ﴾ بزعمه أن تحريم ذلك قديم ﴿مِن بَعْدِ ذَلِكَ﴾ بعد لزوم الحجة ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ بمكابرة الحق الواضح.