الوجوه المبيضة والوجوه المسودة:
في تعقيب التحذيرات القوية التي تضمنتها الآيات السابقة بشأن التفرقة والنفاق والعودة إلى عادات الكفر ونعرات الجاهلية، جاءت الآيتان الحاضرتان تشيران إلى النتائج النهائية لهذا الإرتداد المشؤوم إلى خُلُق الجاهلية وعاداتها، وتصرحان بأن الكفر والنفاق والتنازع والعودة إلى الجاهلية توجب سواد الوجه، فيما يوجب الثبات على طريق الإيمان والإتحاد، والمحبة والتآلف، بياض الوجوه، فتقول (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) ففي يوم القيامة تجد بعض الناس وجوههم مظلمة سوداء، والبعض الآخر وجوههم نقية بيضاء ونورانية (فأما الذين أسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)فلماذا اخترتم طريق النفاق والفرقة والجاهلية على الإتحاد في ظلّ الإسلام، فذوقوا جزاءكم العادل.
﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ﴾ من النور ﴿وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ من الظلمة أو يوسم أهل الحق ببياض الوجه والصحيفة وشق النور بين يديه وبيمينه وأهل الباطل بضد ذلك ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ فيقال لهم ﴿أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ توبيخ أو تعجب من حالهم وهم المرتدون أو أهل البدع أو أهل الكتاب كفروا بالنبي بعد إيمانهم به قبل مبعثه أو جميع الكفار كفروا بعد إقرارهم في عالم الذر أو تمكنوا من الإيمان بالنظر إلى الحجج ﴿فَذُوقُواْ الْعَذَابَ﴾ أمر إهانة ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ بسبب كفركم.