(يفَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْ غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ وكانت نتيجة هذا العناد ما يحدثنا عنه كتاب الله حيث يقول: ﴿فَأنَزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾.
و«الرجز» أصله الإِضطراب - كما يقول الراغب في مفرداته - ومنه قيل رجز البعير إذا اضطرب مشيه لضعفه.
ويقول «الطبرسي» في «مجمع البيان»: إنّ الرجز يعني العذاب عند أهل الحجاز، ويروي عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله بشأن مرض الطاعون: «إِنَّهُ رِجْزٌ عُذّبَ بِهِ بَعضُ الاُْمَمِ قَبْلَكُمْ».
ومن هنا يتضح سبب تفسير «الرجز» في بعض الروايات أنه نوع من الطاعون فشا بسرعة بين بني إسرائيل وأهلك جمعاً منهم.
قد يقال إن الطاعون لا ينزل من السماء، لكن هذا التعبير قد يشير إلى حقيقة انتشار هذا المرض عن طريق الهواء الملوّث بميكروب الطاعون الذي هبّ بأمر الله آنذاك في بيئة بني إسرائيل.
يلفت النظر أن من عوارض الطاعون اضطراباً في المشي والكلام، وهذا يتناسب مع أصل معنى «الرجز» تماماً.
ومن الملفت للنظر أيضاً أن القرآن يؤكد أن هذا العذاب نزل ﴿عَلَى الَّذِينَ ظَلموا﴾ فقط، ولم يشمل جميع بني إسرائيل.
ثم تذكر الآية تأكيداً آخر على سبب نزول العذاب على هذه المجموعة من بني إسرائيل بعبارة: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾.
والآية الكريمة بعد ذلك تبين بشكل غير مباشر سنة من سنن الله تعالى، هي أن الذنب حينما يتعمق في المجتمع ويصبح عادة اجتماعية، عند ذاك يقترب احتمال نزول العذاب الإِلهي. نزول العذاب الإِلهي.
﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ دخلوا بأستاههم وقالوا ما معناه حنطة حمراء نتقوتها أحب إلينا من هذا الفعل والقول ﴿فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ كرر تأكيدا في تقبيح أمرهم وإيذانا بأن عذابهم بظلمهم ﴿رِجْزاً﴾ عذابا ﴿مِّنَ السَّمَاء﴾ بأن مات منهم في بعض يوم مائة وعشرون ألفا ﴿بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ يخرجون عن طاعة الله.