فهؤلاء عندما كانوا يواجهون المشاكل بسبب بعض الأخطاء أو العثرات وعدم الإنضباط لم يفكروا في الإستسلام للأمر الواقع، أو يحدثوا أنفسهم بالفرار أو الإرتداد عن الدين والعقيدة بل كانوا يتضرعون إلى الله يطلبون منه الصبر والثبات، والعون والمدد ويقولون (ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا * وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين).
إنهم بمثل هذا التفكر الصحيح والعمل الصالح كانوا يحصلون على ثوابهم دون تأخير، وهو ثواب مزدوج، أما في الدنيا فالنصر والفتح، وأما في الآخرة فما أعد الله للمؤمنين المجاهدين الصادقين: (فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة).
ثمّ إنه سبحانه يعد هؤلاء- في نهاية هذه الآية- من المحسنين إذ يقول: (والله يحب المحسنين).
وبهذا النحو يبين القرآن درساً حياً للمسلمين الحديثي العهد بالإسلام، من حياة الأُمم السابقة وسلوكهم مع أنبيائهم، وكيفية تعاملهم مع المشكلات الطارئة، وكيفية التغلب عليها، وهو درس من شأنه أن يربيهم ويعدّهم للحوادث المستقبلة، والمعارك القادمة.
وقفات اُخرى عند هذه الآيات ثمّ إن هناك في هذه الآيات نقاطاً هامة أُخرى جديرة بالتوجه والإلتفات نشير إليها فيما يلي:
﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ﴾ مع أنهم ربانيين ﴿إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ أضافوا الذنوب والإسراف إلى أنفسهم فاستغفروا.