ثمّ إنه سبحانه يؤكد بأن لهم خير ناصر وولي وهو الله: (بل الله مولاكم وهو خير الناصرين).
إنه الناصر الذي لا يغلب، بل لا تساوي قدرته أية قدرة، في حين ينهزم غيره من الموالي، ويندحر غيره من الأسياد.
ثمّ إنه سبحانه يشير إلى نموذج من نماذج التأييد الإلهي للمسلمين في أحرج الظروف، وأحلك المراحل إذ يقول: (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب).
ففي هذا المقطع من الآية يشير إلى نجاة المسلمين بعد معركة أُحد، وخلاصهم بأعجوبة، وهو بذلك- كما أسلفنا- يشير إلى واحد من موارد حماية الله للمسلمين وغضبه على الكفّار، ويطمئن المسلمين إلى المستقبل ويزيد من ثقتهم بأنفسهم، ويؤمّلهم في التأييدات الإلهية القادمة.
فالوثنيون المكيون- كما سبق أن قلنا في قصة معركة أُحد- مع أنهم أحرزوا في تلك المعركة إنتصاراً ملفتاً للنظر، واستطاعوا أن يبددوا الجيش الإسلامي ولو ظاهراً، رأوا أن يعودوا إلى ساحة المعركة، ويأتوا على البقية الباقية من القوّة الإسلامية، بل ولم يترددوا مطلقاً في إغارة على المدينة المنورة، والقضاء على شخص النبي الكريم (ص) الذي كان قد بلغهم عدم صحة الخبر بمقتله في تلك المعركة.
إلاّ أن الله سبحانه قد ألقى في قلوبهم رعباً عجيباً، وخوفاً بالغاً صرفهم عن نيتهم تلك.
على أن هذا الخوف الذي لم يكن له ما يبرره أبداً سوى أنه من خواص الكفر والوثنية والإعتقاد بالخرافة قد شمل وجودهم كلّه حتّى أنهم- كما نقرأ ذلك في الأحاديث- كانوا عند عودتهم من "أُحد" وإقترابهم من مكة أشبه ما يكونون بجيش منهزم مندحر، رغم ما قد حققوه من إنتصار شبه ساحق.
﴿بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ﴾ ناصركم ﴿وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾ لا تحتاجون معه إلى غيره.