التّفسير
لقد بيّنت الآيات السابقة أنّ الذين يتخذون الشيطان ولياً لهم، إِنّما ينالهم ضرر واضح ومبين، وأنّ الشيطان يعدهم زيفاً وخداعاً ويلهيهم بالأُمنيات الواهية الخيالية الطويلة العريضة، وإِن وعد الشيطان مكر وخداع لا غير.
أمّا في هذه الآية الأخيرة - التي هي موضوع بحثنا الآن - فقد بيّنت مقابل اُولئك في النهاية أعمال المؤمنين والثواب الذي سينالونه يوم القيامة، من جنّات وبساتين وأنهار تجري فيها، حيث تقول الآية: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنّات تجري من تحتها الأنهار).
وإنّ هذه النعمة العظيمة دائمة أبداً، وليست كنعم الدنيا الزائلة، فالمؤمنون في الجنّة يتمتعون بما أُوتوه من خير دائماً أبداً، تؤكّد هذه بعبارة (خالدين فيها أبداً).
وإِنّ هذا الوعد وعد صادق وليس كوعود الشيطان الزّائفة، حيت تقول الآية: (وعد الله حقّاً).
يوبديهي أنّ أي فرد لا يستطيع - أبداً - أن يكون أصدق قو من الله العزيز القدير في وعوده وفي كلامه، كما تقول الآية: (ومن أصدق من الله قيلا)وطبيعي أنّ عدم الوفاء بالوعد ناتج إِمّا عن العجز وإِمّا الجهل والحاجة، والله سبحانه وتعالى منزه عن هذه الصفات
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ﴾ مصدر مؤكد لنفسه لأن مضمون الجملة قبله وعد ﴿حَقًّا﴾ أي حق ذلك حقا ﴿وَمَنْ﴾ أي لا أحد ﴿أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾ قولا تمييز.