وفي الآية التالية جرى التأكيد - وللمرة الثّالثة - على أنّ كل ما في السموات وما في الأرض هو ملك لله، وإِنّ الله هو الحافظ والمدبر والمدير لكل الموجودات (ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا).
وقد يرد سؤال - هنا - عن سبب تكرار موضوع واحد لثلاث مرات وفي فواصل متقاربة جدّاً، وهل أن هذا التكرار من أجل التأكيد على الأمر الوارد في هذا الموضوع، أم هناك سرّ آخر؟
وبالإِمعان في مضمون الآيات يظهر لنا أن الموضوع المتكرر ينطوي في كل مرّة على أمر خاص:
ففي المرّة الأُولى حيث تحمل الآية وعداً لزوجين بأنّهما إِذا انفصلا فإِن الله سيغنيهما ولأجل إِثبات قدرة الله على ذلك، يذكر الله ملكيته لما في السموات وما في الأرض.
أمّا في المرّة الثّانية فإِنّ الآية توصي بالتقوى، ولكي لا يحصل وهم بأن إطاعة هذا الأمر ينطوي على نفع أو فائدة لله، أو أن مخالفته ينطوي على الضرر له، فقد تكررت الجملة للتأكيد على عدم حاجة الله لشيء، وهو مالك ما في السموات وما في الأرض.
وهذا الكلام يشبه في الحقيقة ما قاله أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) في مستهل خطبة الهمّام الواردة في كتاب نهج البلاغة حيث قال(عليه السلام): "بأنّ الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيّاً عن طاعتهم آمناً عن معصيتهم لأنه لا تضرّه معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه"(1).
﴿وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ ذكر ثالثا تقريرا لغناه واستحقاقه الحمد لحاجة الخلق إليه وإنعامه عليهم بأصناف النعم ﴿وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً﴾ حافظا ومدبرا لخلقه.