عصاة يوم السبت:
هاتان الآيتان الكريمتان تتحدثان - كالآيات السابقة - عن روح العصيان والتمرد المتغلغلة في اليهود، والتصاقهم الشديد بالمسائل المادية: (ولَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾.
﴿يفَجَعَلْنَاهَا نَكَا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾ أي جعلناها عبرة لتلك الاُمّة ولأمم تليها ﴿وَمَوعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾.
ملخص الحادثة التي تشير إليها الآيه: «أن الله سبحانه أمر اليهود أن يسبتوا - أي أن يقطعوا أعمالهم - يوم السبت، وهذا الأمر شمل طبعاً أولئك القاطنين قرب البحر الذين يعيشون على صيد الأسماك، وشاء الله أن يختبر هؤلاء، فكثرت الأسماك يوم السبت قرب الساحل بينما ندرت في بقية الأيّام.
طفق هؤلاء يتحايلون لصيد الأسماك يوم السبت.
فعاقبهم الله على عصيانهم ومسخهم على هيئة حيوان».
وهل كان هذا المسخ جسمي أم نفسي وأخلاقي؟ وأين كان يسكن هؤلاء القوم؟ وبأية حيلة توسلوا للصيد؟ هذا ما سنجيب عليه وعلى غيره من المسائل المرتبطة بهذا الموضوع في المجلد الخامس من هذا التّفسير، لدى توضيح الآيات 163 - 166 من سورة الأعراف.
وقوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ إشارة إلى فورية المسخ الذي تمّ بأمر إلهي واحد.
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ لما اصطادوا السموك فيه وكانوا قد نهوا عنه وكانت قريتهم على البحر ولم يبق فيه حوت إلا أخرج خرطومه يوم السبت فإذا مضى تفرقت فحفروا حياضا وشرعوا إليها الجداول فكانت الحيتان تدخلها يوم السبت فيصطادونها يوم الأحد ﴿ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ مبعدين من كل خير.