التّفسير
جاءت هذه الآية مكملة لمضمون الآية السابقة، وهي تؤكّد وتتابع الهدف المقصود في تلك الآية، وتعلن للمسلمين أنّ النصر سيكون حليف أُولئك الذين يقبلون القيادة المتمثلة في الله ورسوله والذين آمنوا، الذين أشارت إِليهم الآية السابقة.
وتصف الآية الذين قبلوا بهذه القيادة بأنّهم من حزب الله المنصورون دائماً، حيث تقول (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون).
وتشتمل هذه الآية - أيضاً - على قرينة أُخرى تؤكّد المعنى المذكور في تفسير الآية السابقة لكلمة (الولاية) وهو الإِشراف والتصرف والزعامة، لأنّ عبارة (حزب الله) والتأكيد على أنّ الغلبة تكون لهذا الحزب - في الآية - لهما صلة بالحكومة الإِسلامية، ولا علاقة لهما بقضية الصداقة التي هي أمر بسيط وعادي، وهذا يؤكّد بنفسه أنّ الولاية - الواردة في الآية - تعني الإِشرف والحكم القيادة بالإِسلام والمسلمين، لأنّ معنى الحزب يتضمن التنظيم والتضامن والإِجتماع لتحقيق أهداف مشتركة.
ويجب الإِنتباه إِلى نقطة مهمّة وهي أنّ المراد بعبارة (الذين آمنوا) الواردة في هذه الآية ليسوا جميع الأفراد المؤمنين، بل ذلك الشخص الذي ذكر في الآية السابقة وأشير إِليه بأوصاف معينة.
أمّا قضية الغلبة أو الإِنتصار كفلته الآية لحزب الله فهل هو الإِنتصار المعنوي وحده، أم يشمل الإِنتصار على كل الأصعدة وفي جميع المجالات المادية والمعنوية؟
لا شك أنّ الإِطلاق في الآية الكريمة يدل على الإِنتصار الشامل في جميع الجبهات، وبديهي أنّ أي جماعة تنضوي تحت لواء حزب الله، أي تتحلى بالإِيمان القوي وتلتزم التقوى وتدأب على العمل الصالح وتسعى إِلى الإِتحاد والتكافل والتضامن وتتمتع بالوعي الكافي، فهي لا شك ستنال النصر في كل المجالات وعلى جميع الأصعدة، والعجز الذي نشهده اليوم بين المسلمين عن نيل مثل هذا الإِنتصار إنّما هو بسبب افتقارهم - في الغالب - إِلى الصفات التي ذكرناها أعلاه، والتي هي صفات الأفراد المنضوين تحت لواء حزب الله، ولذلك فهم بدلا من أن يستخدموا قواهم وطاقاتهم في طرد الأعداء وحل مشاكلهم الإِجتماعية يصرفون هذه القوى في إِضعاف بعضهم البعض.
وقد ذكرت الآية (22) من سورة المجادلة - أيضاً - قسماً من صفات حزب الله، سنأتي على شرحها باذن الله عند تفسير هذه السورة.
﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ يتخذهم أولياء ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ وضع موضع فإنهم إيذانا بأنهم حزبه أي أتباعه تفخيما لشأنهم واعتراضا بأضدادهم بأنهم حزب الشيطان.