الآيه التّالية تلقي الضوء على حقيقة مُرّة اُخرى بشأن هذه الزمرة المنافقة وتقول: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْض قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾؟!
من المحتمل أيضاً أن تتحدث هذه الآية في صدرها عن المنافقين من اليهود الذين يتظاهرون بالأيمان لدى لقائهم بالمسلمين، ويبرزون إنكارهم عند لقائهم بأصحابهم، بل يلومون أولئك اليهود الذين يكشفون للمسلمين عمّا في التوراة من أسرار.
هذه الآية - على أي حال - تأييد للآية السابقة، التي نهت المسلمين عن عقد الأمل على إيمان مثل هؤلاء القوم.
عبارة ﴿بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ قد تعني الميثاق الإِلهي الذي كان محفوظاً لدى بني إسرائيل.
وقد تشير إلى الأسرار الإِلهية المرتبطة بالشريعة الجديدة.
ويتضح من الآية أن إيمان هذه الفئة المنافقة من اليهود، كان ضعيفاً إلى درجة أنهم تصوروا الله مثل إنسان عاديّ، وظنوا أنهم إذا أخفوا شيئاً عن المسلمين فسيخفى عن الله أيضاً.
﴿وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ﴾ أي منافقوهم ﴿آمَنَّا﴾ بأنكم على الحق وأن محمدا هو المبشر به في التوراة ﴿وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ﴾ أي الذين لم ينافقوا عاتبين على المنافقين ﴿أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ﴾ من دلائل نبوة محمد ﴿لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ﴾ بأنكم قد علمتم هذا فلم تؤمنوا به ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ أن الذي تخبرونه به حجة عليكم عند ربكم.